للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي النَّوَادِرِ: وَالْقَصْدُ فِي الْمَاءِ مُسْتَحَبٌّ وَالسَّرَفُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فَالْمُرَادُ بِالْبِدْعَةِ فِي كَلَامِهِ هُنَا الْكَرَاهَةُ، وَإِنَّمَا كَرِهَ الْإِسْرَافَ فِي الْمَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى كَثْرَةِ صَبِّ الْمَاءِ وَيَتْرُكَ التَّدْلِيكَ، وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَمْسُوحَ لَا يَطْلُبُ أَحْكَامَهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ فَلَا تُطْلَبُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاقْتِصَادِ فِي الْمَاءِ بِقَوْلِهِ: ( «وَقَدْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدٍّ» وَهُوَ وَزْنُ رِطْلٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الْبِدْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا حَرَامًا، بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ] أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ بِمُوَافِقٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ بِمَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ لَا تُقَابِلُ الْبِدْعَةَ [قَوْلُهُ: وَالسَّرَفُ مِنْهُ] الْأَحْسَنُ أَنْ لَوْ قَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَادَّةَ تَتَعَدَّى بِفِي وَإِنْ كَانَ الْإِكْثَارُ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهَا لَا يَتَعَدَّى بِفِي.

[قَوْلُهُ: الْإِكْثَارُ مِنْ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، وَالْإِكْثَارُ لِصَبٍّ لِتَكُونَ اللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ قَالَ تَعَالَى {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: ٣٢] أَفَادَ ذَلِكَ الْمِصْبَاحُ قَالَ وَقَوْلُ النَّاسِ أَكْثَرْت مِنْ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيَانِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَكْثَرْت الْفِعْلَ مِنْ الْأَكْلِ، وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي الْوُضُوءِ] الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فِي الْغَسْلِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ بِضَمِّ الْغَيْنِ، [قَوْلُهُ: زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ] أَيْ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَوْ فِي بِمَعْنَى عَلَى أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الدِّينِ.

[قَوْلُهُ: وَبِدْعَةٌ] عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ أَوْ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: أَيْ مُحْدَثٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ] كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَحَيْثُ كَانَ بِدْعَةٌ مُقَابِلًا، لِقَوْلِهِ سُنَّةٌ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَيْ مُحْدَثَةٌ بِالتَّاءِ، وَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ تِلْكَ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ هِيَ الْأَمْرُ الْمُحْدَثُ فَلَا تُؤْخَذُ التَّاءُ فِي التَّفْسِيرِ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ حَرَامٌ] أَيْ وَالْبِدْعَةُ حَرَامٌ إشَارَةً إلَى قِيَاسٍ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنْ تَقُولَ السَّرَفُ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ حَرَامٌ يَنْتِجُ السَّرَفُ حَرَامٌ، ثُمَّ أَقُولُ وَفِي كَلَامِهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ الْحُرْمَةُ لِصِدْقِهَا بِالْكَرَاهَةِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُفَسِّرَ الْبِدْعَةَ بِقَوْلِهِ أَيْ مَنْهِيًّا عَنْهُ نَهْيًا جَازِمًا لِيَكُونَ مَارًّا عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الْبِدْعَةِ، إحْدَاهُمَا مَا ذَكَرْنَا وَالثَّانِيَةُ مَا لَمْ يَقَعْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا أَفَادَهُ عج.

[قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ظَاهِرٍ [قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ] ضِدُّ الْإِفْرَاطِ أَيْ التَّقْلِيلُ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ وَاجِبَيْنِ أَمْ لَا.

[قَوْلُهُ: وَالسَّرَفُ مِنْهُ] أَيْ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِمَا وَاحْتَرَزْنَا بِذَلِكَ عَنْ السَّرَفِ فِي غَيْرِهِمَا كَغَسْلِ الثَّوْبِ أَوْ الْإِنَاءِ لِزِيَادَةِ التَّنْظِيفِ أَوْ فِي الْوُضُوءِ لِزِيَادَةِ الْغَسَلَاتِ فِيهِ، لِنَحْوِ تَبَرُّدٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْبِدْعَةِ إلَخْ] أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدَ فَيَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ فِي تَوْجِيهِهِ فَالْمُرَادُ أَيْ فَيَكُونُ ذَاهِبًا إلَى تَفْسِيرِهَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا فِي الْمَقَامِ الْكَرَاهَةُ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ.

[قَوْلُهُ: الْكَرَاهَةُ] أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مِلْكَ الْغَيْرِ وَإِلَّا حُرِّمَ.

[قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَتَّكِلَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي قَصْرَ كَرَاهَةِ الْإِسْرَافِ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمَطْلُوبَةِ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ الْوُجُوبِ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْإِسْرَافِ فِي زَوَالِ النَّجَاسَةِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ، حَيْثُ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ السَّرَفُ غُلُوًّا وَبِدْعَةً؛ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ فِي عِبَادَةٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشَّرْعِ التَّقْلِيلُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ عج، إنَّهُ يَشْمَلُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى كَثْرَةِ صَبِّ الْمَاءِ] الْمُنَاسِبُ فِي الْمَقَامِ أَنْ يُضْمِرَ فَيَقُولَ مَخَافَةَ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ هُوَ كَثْرَةُ صَبِّ الْمَاءِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَظْهَرَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْإِسْرَافَ عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَةِ صَبِّ الْمَاءِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا تُطْلَبُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ] فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ عَيْنَ الْحُكْمِ فِي الْمُبَالَغَةِ هَلْ هُوَ الْكَرَاهَةُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ، وَحَرَّرَ ثُمَّ أَقُولُ إنَّ مُفَادَ هَذَا أَنَّ مَعْنَى الْأَحْكَامِ الْمُبَالَغَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفَسَّرُ بِالْمُبَالَغَةِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِالْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ عَلَى وَجْهِ الْيَقِينِ.

[قَوْلُهُ: وَقَدْ تَوَضَّأَ] أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>