للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ (وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْحَمَّامِ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ (حَيْثُ لَا يُوقَنُ مِنْهُ بِطَهَارَةٍ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ أَيْقَنَ بِطَهَارَتِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ جَائِزَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ.

(وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَكَانُ طَرْحِ الزِّبْلِ (وَ) عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْمَجْزَرَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِلنَّحْرِ أَوْ لِلذَّبْحِ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَإِلَّا جَازَتْ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ، وَصَلَّى فِيهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَامِدًا أَوْ غَيْرَهُ.

(وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (مَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ) فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمُشْرِكِينَ كَمَا وَقَفْت عَلَيْهِ.

ك: الْمَقْبُرَةُ مُثَلَّثُ الْبَاءِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَنْبُوشَةٍ وَلَيْسَ فِي مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ شَيْءٌ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

بِنَاءَهَا، وَمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْفَرْضِ بِظَهْرِهَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا، وَالْمُرَادُ جُمْلَةُ الْبِنَاءِ لَا بَعْضُهُ خِلَافًا لِبَعْضٍ، فَعَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يُلَاحَظُ اسْتِقْبَالُ ذَاتِ الْبِنَاءِ لَا الْهَوَاءِ، وَمِثْلُ الْفَرْضِ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ فَوْقَهَا السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ الْمُؤَكَّدَةُ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، الْوَاجِبِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ قَائِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا النَّفَلُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدِ فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَلَوْ نَفْلًا تَحْتَهَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيعُ جُدُرِهَا.

[قَوْلُهُ: قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إلَخْ] وَهُوَ ضَعِيفٌ، [قَوْلُهُ: جَوَازُ النَّفْلِ] أَيْ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ، بَلْ يُنْدَبُ، وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُؤَكَّدُ مِثْلُ الرَّغِيبَةِ وَالسُّنَّةِ فَيُكْرَهُ وَلَا إعَادَةَ.

[قَوْلُهُ: دُونَ الْفَرْضِ] أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ، وَهَلْ يُحَرَّمُ أَوْ يُكْرَهُ الْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ، وَعَلَى التَّحْرِيمِ فَتُعَادُ أَبَدًا، وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمُ، وَهُوَ الِاصْفِرَارُ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، فَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْقَرِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، احْتِرَازًا عَنْ الْكِفَائِيِّ كَالْجِنَازَةِ فَعَلَى الْفَرْضِيَّةِ تُعَادُ بِالْفِعْلِ فِيهَا وَعَلَى السُّنِّيَّةِ لَا وَعَلَى كُلٍّ فَالْكَرَاهَةُ، [قَوْلُهُ: فِي الْحَمَّامِ] أَيْ فِي جَوْفِهِ احْتِرَازًا مِنْ خَارِجِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَزْعِ الثِّيَابِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، حَيْثُ لَمْ يُتَيَقَّنْ نَجَاسَةٌ.

[قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يُوقَنُ مِنْهُ بِطَهَارَةٍ] أَيْ وَلَا بِنَجَاسَةٍ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْأُولَى، وَيُمْنَعُ فِي الثَّانِيَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي خَارِجِهِ جَائِزَةٌ تُيُقِّنَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ شُكَّ فِيهَا، وَفِي دَاخِلِهِ تَجُوزُ حَيْثُ تُيُقِّنَتْ الطَّهَارَةُ فَقَطْ، فَإِنْ شُكَّ فِيهَا كُرِهَ كَمَا فِي عج.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: مَكَانُ طَرْحِ الزِّبْلِ] أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِطَرْحِ الزِّبْلِ [قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ النَّجَاسَةِ] أَيْ إذَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.

[قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَتْ] أَيْ وَإِنْ أَمِنَ جَازَتْ، وَهَذَا الْكَلَامُ رَاجِعٌ لِلْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ فَإِنْ قُلْت مَحَلُّ الْجَزْرِ مُتَحَقِّقُ النَّجَاسَةِ، وَكَذَا مَحَلُّ طَرْحِ الزِّبْلِ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْمُعَدَّ لِذَلِكَ لَوْ صَلَّى فِيهِ مُتَنَحِّيًا عَنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، فِيهِ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ، مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ سَوَاءٌ طَالَ عَلَيْهَا الزَّمَنُ وَأَصَابَهَا الْمَطَرُ أَمْ لَا قَالَ عج. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُ مَحَلِّ تَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَمَحَلِّ الْقُمَامَةِ، حَيْثُ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ اهـ.

وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا مَحَلَّ تَعْلِيقِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي مَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ إلَخْ] مُرُورٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ يُعِيدُ أَبَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُنْدَرِسَةً فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا يُعِيدُ، وَأَمَّا مَقْبُرَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً، كَذَا نُقِلَ عَنْهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ.

[قَوْلُهُ: لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَخْ] أَيْ فَالنَّهْيُ فِيهِ مُطْلَقٌ فِي مَقْبُرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ رَوَى الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْمَقَابِرِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ بِمَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَكُونُ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاسِخِينَ وَبَيَانِ الْمُتَفَقِّهِينَ، وَأَبْقَاهُ عَلَى إطْلَاقِهِ اللَّخْمِيُّ وَرِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>