للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي فَرَائِضِهِ) وَلَا فِي مُسْتَحَبَّاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إنْقَاءُ الْمَحَلِّ خَاصَّةً.

(وَهُوَ) كَمَا قَالَ (مِنْ بَابِ) أَيْ طَرِيقِ (إيجَابِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَاءِ (أَوْ بِالِاسْتِجْمَارِ لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِهَا) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ وَهِيَ (فِي جَسَدِهِ وَ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ (يُجْزِئُ فِعْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَذَلِكَ) الِاسْتِجْمَارُ وَ (غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ: (وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ) الْكَامِلَةُ (أَنْ يَبْدَأَ بَعْدَ غَسْلِ) يَعْنِي بَلِّ (يَدِهِ) الْيُسْرَى.

وَفِي نُسْخَةٍ يَدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَالْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ، وَالثَّانِيَةُ مُشْكِلَةٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي بَلِّ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِبَلِّ الْيُسْرَى لِئَلَّا يُلَاقِيَ بِهَا النَّجَاسَةَ، وَهِيَ جَافَّةٌ فَتَبْقَى عَلَيْهَا رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ (فَيَغْسِلُ مَخْرَجَ الْبَوْلِ) قَبْلَ مَخْرَجِ الْغَائِطِ عَلَى جِهَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي مُسْتَحَبَّاتِهِ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الْمَطْلُوبَ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ.

[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ إلَخْ] أَيْ إنَّمَا حُكْمُهُ مِنْ أَفْرَادِ بَابِ إيجَابِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، وَإِضَافَةُ بَابِ الْمُفَسَّرِ بِطَرِيقٍ لِلْبَيَانِ، أَيْ طَرِيقٍ هُوَ إيجَابٌ، أَيْ وُجُوبٌ إلَخْ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الْإِيجَابَ وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَبَ الْأَكِيدَ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ، أَيْ وَحَيْثُ كَانَ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لِظُهُورِ عِلَّةِ الْحُكْمِ فِيهِ وَهِيَ النَّظَافَةُ [قَوْلُهُ: أَيْ الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ، وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ وَحَكَاهُ تت بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: يُطْلَقُ الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ أَيْضًا، وَصَدَّرَ بِمَا أَفَادَ الْمُبَايَنَةَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ غَسْلُ مَوْضِعِ الْخُبْثِ بِالْمَاءِ، وَالِاسْتِجْمَارُ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ الْأَذَى بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَهُوَ يُؤْذِنُ بِضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا.

[قَوْلُهُ: أَوْ بِالِاسْتِجْمَارِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ فِي عَطْفِهِ عَلَى بِالْمَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ آلَةٌ فِي حُصُولِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالِاسْتِجْمَارُ الْمَعْطُوفُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْتِنْجَاءِ لَا آلَةٌ فِيهِ. [قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُصَلِّيَ إلَخْ] عِلَّةٌ لِهَذَا الْمَحْذُوفِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ مِنْ بَابِ طَرِيقِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَلَا يَصِحُّ بِالْأَحْجَارِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِي الْجُمْلَةِ.

[قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَدُلُّ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَيُجْزِئُ إلَخْ الِاسْتِدْلَالَ، إنَّمَا قَصْدُهُ بَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ الْإِجْزَاءُ لِلْمُبْتَدِئِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ [قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُجْزِئُ فِعْلُهُ] يُوهِمُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِعْلُهُ بِنِيَّةٍ.

قَالَ عج وَكَلَامُهُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ فِيهِ النِّيَّةُ [قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الِاسْتِجْمَارُ] لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الِاسْتِجْمَارِ، كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ [قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الثَّوْبِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ غَسْلَ الثَّوْبِ مِنْ بَابِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ بِلَا رَيْبٍ، وَهُوَ بِصَدَدِ بَيَانِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَمَّا كَانَ مِنْ بَابِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ فَلَا تُطْلَبُ فِيهِ النِّيَّةُ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي زَوَالِ النَّجَاسَةِ مَعْلُومٌ وَالْمَجْهُولُ حَالُ الِاسْتِنْجَاءِ، فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ فِي سَلْكِ الِاسْتِنْجَاءِ غَسْلَ الثَّوْبِ لِمَا قَرَرْنَاهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ ظَاهِرِ حِلِّهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ قَصْدَهُ بَيَانُ الْحُكْمِ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْجِيمِ إلَخْ] وَلِذَلِكَ قَالَ فِي تَنْبِيهِ الطَّالِبِ فِي ضَبْطِ لُغَاتِ ابْنِ الْحَاجِبِ: النَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبِكَسْرِهَا الْمُتَنَجِّسُ.

[قَوْلُهُ: الْكَامِلَةُ] دَفَعَ بِهِ مَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي بَلَّ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْغَسْلُ الَّذِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّلْكِ، بَلْ يَكْفِي الْبَلُّ، وَلَوْ بِغَيْرِ مُطْلَقٍ حَيْثُ لَمْ يُزَلْ مَا عَلَى الْمَحَلِّ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: يَدِهِ الْيُسْرَى] أَيْ مَا يُلَاقِي بِهِ الْأَذَى، وَهُوَ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ مُشْكِلَةٌ] أُجِيبُ بِمَا فِيهِ بَعْدُ، وَهُوَ أَنَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِالْيُمْنَى نَجَاسَةٌ [قَوْلُهُ: فَتَبْقَى عَلَيْهَا رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ] فِيهِ إشَارَةٌ تُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهُوَ نَدْبُ الْبَلِّ أَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>