للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، يُرِيدُ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا. (يَبْدَأُ فَيُسَمِّي اللَّهَ) تَعَالَى قِيلَ: يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَقِيلَ: يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ قَائِلِهِ. (وَلَمْ يَرَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ لَمْ يَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْقَوْلَ بِالْبُدَاءَةٍ بِالتَّسْمِيَةِ (مِنْ الْأَمْرِ) أَيْ الشَّأْنِ (الْمَعْرُوفِ) عِنْدَ السَّلَفِ، بَلْ رَآهُ مِنْ الْأَمْرِ الْمُنْكَرِ، ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ لِمَالِكٍ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى شَيْءٍ وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهَا وَبِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الِاسْتِحْبَابُ، وَشُهِرَتْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» . ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

الثَّانِيَةُ: الْإِنْكَارُ وَقَالَ: أَهُوَ يَذْبَحُ؟ الثَّالِثَةُ: التَّخَيُّرُ (وَكَوْنُ الْإِنَاءِ) الَّذِي يَتَوَضَّأُ مِنْهُ (عَلَى يَمِينِهِ أَمْكَنَ لَهُ) أَيْ أَيْسَرَ وَأَسْهَلَ لَهُ (فِي تَنَاوُلِهِ) إنْ كَانَ مَفْتُوحًا كَذَا عَدَّهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ، أَمَّا إنْ كَانَ ضَيِّقًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ لَهُ.

(وَ) بَعْدَ أَنْ يَجْعَلَ الْإِنَاءَ الْمَفْتُوحَ عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

[قَوْلُهُ: قَالُوا إلَخْ] لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرِّي بَلْ قَصَدَ حِكَايَةَ مَا وَقَعَ، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِبَعْضِهِمْ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِمُعَارَضَةِ الْحَدِيثِ لَهُ.

[قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا] أَيْ فَأَرَادَ بِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ ابْنَ حَبِيبٍ وَغَيْرَهُ، وَأَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ: وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ حَبِيبٍ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَحَلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ فَسَمِعَ ابْنَ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفًا وَابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ وَأَصْبَغَ بْنَ الْفَرَجِ وَانْصَرَفَ إلَى الْأَنْدَلُسِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقَدْ جَمَعَ عِلْمًا عَظِيمًا فَنَزَلَ بَلْدَةَ أَلْبِيرَةَ وَقَدْ انْتَشَرَ سُمُوُّهُ فِي الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، فَنَقَلَهُ الْأَمِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إلَى قُرْطُبَةَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْته يَخْرُجُ مِنْ الْجَامِعِ وَخَلْفَهُ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةٍ بَيْنَ طَالِبِ حَدِيثٍ وَفَرَائِضَ وَفِقْهٍ وَإِعْرَابٍ، وَقَدْ رَتَّبَ الدُّوَلَ عِنْدَهُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثِينَ دَوْلَةً لَا يُقْرَأُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا الْفِقْهُ وَمُوَطَّأَ مَالِكٍ، وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ الدِّيبَاجِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ] جَعَلَهُ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامُهُ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ وَكَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ وَابْنِ الْمُنِيرِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشُّرَّاحِ.

أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ] أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ هَذَا الْقَوْلِ إلَخْ. أَيْ هَلْ التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْمَذْكُورُ [قَوْلُهُ: بَلْ رَآهُ مِنْ الْأَمْرِ الْمُنْكَرِ] الْمُنْكَرُ يُصَدَّقُ بِالْحَرَامِ وَبِالْمَكْرُوهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَكْرُوهُ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُ لَفْظِهِ] أَيْ لِعَزْوِهِ كُلَّ قَوْلٍ مِنْهُمَا لِبَعْضٍ [قَوْلُهُ: وَشُهِرَتْ] وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ [قَوْلُهُ: لَا وُضُوءَ إلَخْ] أَيْ لَا وُضُوءَ كَامِلًا [قَوْلُهُ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ] بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَوْلُهُ وَإِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ.

[قَوْلُهُ: أَهُوَ يَذْبَحُ] أَيْ حَتَّى يَحْتَاجَ لِتَسْمِيَةٍ [قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ التَّخْيِيرُ] أَيْ فَهِيَ مُبَاحَةٌ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ حِينَ أَنْكَرَ أَوْ قَالَ بِالْإِبَاحَةِ لَمْ يَسْتَحْضِرْ الْحَدِيثَ، وَاسْتَشْكَلَ أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْإِنْكَارِ وَالْإِبَاحَةِ بِأَنَّ الذِّكْرَ رَاجِعٌ إلَى الْفِعْلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا هُوَ اقْتِرَانُ هَذَا الذِّكْرِ الْخَاصِّ بِأَوَّلِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ لَا حُصُولُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ ذِكْرٌ قَالَهُ تت.

[قَوْلُهُ: وَكَوْنُ إلَخْ] مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: أَمْكَنُ خَبَرٌ، أَيْ وَوُجُودُ الْإِنَاءِ عَلَى الْيَمِينِ أَسْهَلُ أَيْ فَيُنْدَبُ كَوْنُهُ عَلَى يَمِينِهِ [قَوْلُهُ: وَأَسْهَلُ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَفْتُوحًا] مُرَادُهُ بِالْمَفْتُوحِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ ضَيِّقًا] أَيْ لَا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ إلَخْ] هَذَا فِي الْمُعْتَادِ أَوْ الْأَضْبَطِ الَّذِي يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>