للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ بَاقِي الْوُضُوءِ (فَرِيضَةٌ) وَمَا قَالَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ جُمَلٍ. الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ فَرِيضَةٌ إلَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، وَاسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِأَنَّ مِنْ الْبَاقِي مَا هُوَ سُنَّةٌ كَرَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَتَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ وَالتَّرْتِيبِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أُجِيبُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَ: بَاقِيهِ فَرِيضَةٌ بَقِيَّةَ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ لَيْسَ إلَّا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا كَمَا ذَكَرَ إذْ الرَّأْسُ فَرْضُهُ الْمَسْحُ وَالرَّدُّ تَبَعٌ لَهُ، وَأَمَّا التَّجْدِيدُ وَالتَّرْتِيبُ فَلَيْسَ بِعُضْوَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَبَاقِي الْأَعْضَاءِ فَرِيضَةٌ وَهِيَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ: (فَمَنْ قَامَ إلَى وُضُوءٍ مِنْ نَوْمٍ) أَيْ مَنْ أَرَادَهُ إمَّا بِسَبَبِ نَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ (أَوْ) بِسَبَبِ (غَيْرِهِ) مِمَّا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ سَبَبٍ (فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ) قَالُوا

ــ

[حاشية العدوي]

وَآخِرَ السَّبَّابَتَيْنِ فِي الصِّمَاخَيْنِ وَوَسَطَهُمَا مُقَابِلًا لِلْبَاطِنِ، دَائِرَيْنِ مَعَ الْإِبْهَامَيْنِ لِلْآخَرَيْنِ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُمَا] الظَّاهِرُ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ وَالْبَاطِنُ، مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَجْهِ.

[قَوْلُهُ: كُلُّ وَاحِدٍ إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سُنَّةً خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمَضْمَضَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا، وَاَلَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ الْمَضْمَضَةِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةُ جُزْءَ سُنَّةٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا.

[قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ] هَذَا عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الِاسْتِنْثَارُ [قَوْلُهُ: مُسْتَقِلَّةٌ] أَيْ لَا جُزْءُ سُنَّةٍ.

[قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ مَا هُنَا إلَخْ] لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْإِشْكَالَ يَأْتِي أَيْضًا عَلَى مَا فِي بَابِ جُمَلٍ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ] أَيْ كَالتَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَائِهِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ، [قَوْلُهُ: بَقِيَّةِ إلَخْ] أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِكَسْرِ اللَّامِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، أَيْ الْقَائِمُ بِبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ فَرِيضَةٌ، أَيْ فَرْضٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلَا تُرَدُّ النِّيَّةُ وَالدَّلْكُ وَالْفَوْرُ، وَإِنَّمَا احْتَجْنَا لِتَقْدِيرِ مُتَعَلِّقٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَفْسُ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ هِيَ الْفَرِيضَةُ.

[قَوْلُهُ: الْمَغْسُولَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ] صِفَةٌ لِلْأَعْضَاءِ، فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْأَنْفُ وَالْيَدَانِ لِلْكُوعَيْنِ وَالْفَمُ، أَوْ صِفَةٌ لِلْبَقِيَّةِ فَتَخْرُجُ بِهِ، وَأَرَادَ الْمَغْسُولَ بَعْضُهَا، وَالْمَمْسُوحَ بَعْضُهَا لَا أَنَّهَا قَائِمٌ بِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهَا الْأَمْرَانِ مَعًا، [قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ] أَيْ الْقَائِمُ بِالْبَقِيَّةِ عَلَى طَرِيقٍ هِيَ الِاسْتِقْلَالُ.

[قَوْلُهُ: لَيْسَ إلَّا] أَيْ لَيْسَ الْبَاقِي شَيْئًا إلَّا بَقِيَّةَ الْأَعْضَاءِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا ذُكِرَ. [قَوْلُهُ: وَذَلِكَ] أَيْ الْقَائِمُ بِالْبَاقِي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْكَافِ وَيَقُولُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مَا ذُكِرَ، أَيْ فَرْضًا [قَوْلُهُ: فَرْضُهُ الْمَسْحُ] أَيْ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا زِدْنَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مَسْحٌ أَيْضًا فَالْفَرْضُ هُوَ الْمَسْحُ الْأَوَّلُ، وَالسُّنَّةُ الْمَسْحُ الثَّانِي التَّابِعُ لِلْمَسْحِ الْأَوَّلِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعُضْوٍ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ، وَكَذَا الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ الْمُسْتَحَبَّانِ.

[قَوْلُهُ: فَلَيْسَا بِعُضْوَيْنِ] أَيْ فَلَيْسَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ بِعُضْوَيْنِ بَلْ مُتَعَلَّقُهُمَا بِفَتْحِ اللَّامِ غَيْرُ عُضْوَيْنِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ التَّجْدِيدِ الْمَاءُ وَمُتَعَلِّقَ التَّرْتِيبِ الْغَسَلَاتُ بِخِلَافِ الرَّدِّ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعُضْوٍ، أَيْ فَمُتَعَلَّقُهُ بِفَتْحِ اللَّامِ عُضْوٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا كَالدُّعَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَبَقِيَّةِ الْمَنْدُوبَاتِ.

[قَوْلُهُ: وَبَاقِي الْأَعْضَاءِ] أَيْ وَالْقَائِمُ بِبَاقِي الْأَعْضَاءِ قِيَاسًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ الْوَجْهُ] تَفْسِيرٌ لِبَاقِي الْأَعْضَاءِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كُلَّهُ فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ بَلْ الْقَائِمُ بِالْوَجْهِ فَرْضٌ عَلَى حِدَتِهِ، وَالْقَائِمُ بِالرَّأْسِ فَرْضٌ عَلَى حِدَتِهِ، وَالْقَائِمُ بِالرِّجْلِ فَرْضٌ عَلَى حِدَتِهِ فَتَدَبَّرْ الْمَقَامَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ أَرَادَهُ إلَخْ] تَفْسِيرٌ لِقَامَ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ حَقِيقَتَهُ [قَوْلُهُ: إمَّا بِسَبَبٍ إلَخْ] إمَّا إشَارَةً إلَى أَنَّ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: نَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ إلَخْ] نَحْوَ هَذَا لتت، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ، وَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَهَلْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ؟ وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ غَسْلَهُ تَعَبُّدِيٌّ وَأَنَّهُ يَغْسِلُهُمَا، وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ هَذَا فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: غَيْرِهِ] بَدَلٌ مِنْ سَبَبٍ، وَمُرَادُهُ سَبَبُ الْوُضُوءِ فَيُصَدَّقُ بِالْحَدَثِ وَسَبَبِهِ كَاللَّمْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>