للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسْخَةٍ فِي إنَائِهِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا مَا يَقْتَضِي غَسْلَهُمَا لِلسُّنَّةِ، فَغَسْلُ الْيَدَيْنِ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَنْجَى أَوْ لَا.

وَلَمَّا كَانَ فِي قَوْلِهِ فَلَا بُدَّ إيهَامُ الْفَرْضِيَّةِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَمِنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ) عَلَى الْمَشْهُورِ (غَسْلُ الْيَدَيْنِ) إلَى الْكُوعَيْنِ (قَبْلَ دُخُولِهِمَا فِي الْإِنَاءِ) أَوْ فِي نَهْرٍ (وَالْمَضْمَضَةُ) بِضَادَيْنِ غَيْرِ مُشَالَتَيْنِ وَهِيَ خَضْخَضَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَمَجِّهِ فَلَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ. (الِاسْتِنْشَاقُ) وَهُوَ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْخَيَاشِيمِ بِالنَّفَسِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَالِاسْتِنْثَارُ) وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ) ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (سُنَّةٌ) مُسْتَقِلَّةٌ (وَبَاقِيهِ)

ــ

[حاشية العدوي]

يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وُضُوءٍ، وَلَوْ تَجْدِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ [قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَا يَقْتَضِي غَسْلَهُمَا] أَيْ بِأَنْ كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ] أَيْ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، أَيْ طَرِيقَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ فَهُوَ تَعَبُّدٌ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ، وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ مَعْنًى.

[قَوْلُهُ: فَغَسْلُ الْيَدَيْنِ] أَيْ الَّذِي هُوَ السُّنَّةُ، [قَوْلُهُ: أَوَّلًا] هُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ أَعْنِي قَوْلَهُ سَوَاءٌ اسْتَنْجَى إلَخْ سَيَأْتِي.

[قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ إلَخْ] أَيْ فَلَا يُتَوَهَّمُ التَّكْرَارُ [قَوْلُهُ: إيهَامُ الْفَرْضِيَّةِ إلَخْ] فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مُوهِمًا فَمَا الْحِكْمَةُ فِي ارْتِكَابِهِ، حَتَّى يُحْوِجَهُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْإِيهَامَ، قُلْت لَعَلَّهَا لِلْحَثِّ عَلَى فِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» اهـ، فَهُوَ إنْ حَمَلَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى السُّنَّةِ، لَكِنَّ الْأَدَبَ أَلَّا يَتْرُكَهَا الْإِنْسَانُ لِمَا فِي ظَاهِرِ الْخَبَرِ مِنْ التَّشْدِيدِ، وَلِذَا لَمَّا أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ.

وَقَالَ أَنَا أَعْرِفُ أَيْنَ تَبِيتُ يَدِي فَنَامَ، وَقَدْ لَقِيَ يَدَهُ فِي اسْتِهِ، أَيْ فِي دُبُرِهِ فَتَأَمَّلْ أَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -[قَوْلُهُ: وَمِنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَخْ] التَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ لَا لِلْوَحْدَةِ أَيْ مِنْ جِنْسِ السُّنَّةِ، فَصَحَّ التَّبْعِيضُ فَلَوْ جُعِلَتْ لِلْوَحْدَةِ لَمَا صَحَّ التَّبْعِيضُ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ.

[قَوْلُهُ: أَوْ فِي نَهْرٍ] ضَعِيفٌ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْغَسْلُ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ جَارِيًا مُطْلَقًا، أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَلَا يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا غَيْرَ جَارٍ، وَأَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا تَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ إلَّا بِالْغَسْلِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ، فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ دُخُولِهِمَا فِي الْإِنَاءِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ قَلِيلًا غَيْرَ جَارٍ، وَأَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يُدْخِلُهُمَا فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ إذَا كَانَتَا طَاهِرَتَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَتَيْنِ أَوْ نَجِسَتَيْنِ وَلَا يُنَجَّسُ الْمَاءُ بِدُخُولِهِمَا فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يُنَجَّسُ بِذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى الْمَاءِ بِغَيْرِ إدْخَالِهِمَا فِيهِ كَثَوْبِهِ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ، وَيَتَيَمَّمُ كَعَادِمِ الْمَاءِ [قَوْلُهُ: غَيْرِ مُشَالَتَيْنِ] أَيْ غَيْرِ مَرْفُوعَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: خَضْخَضَةُ إلَخْ] هَذَا تَعْرِيفُهَا اصْطِلَاحًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهِيَ التَّحْرِيكُ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ فِي إدْخَالِ الْمَاءِ، فَلَوْ دَخَلَ الْمَاءُ وَحْدَهُ ثُمَّ خَضْخَضَهُ وَمَجَّهُ يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَلَفْظُ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي تَعْرِيفِهَا إدْخَالُ الْمَاءِ فِيهِ، فَيُخَضْخِضُهُ وَيَمُجُّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ فِي الْإِدْخَالِ فَلْيُحَرَّرْ.

[قَوْلُهُ: فَلَوْ ابْتَلَعَهُ] هَذَا مُحْتَرَزُ مَجِّهِ، وَمِنْ مُحْتَرَزِهِ مَا إذَا فَتَحَ فَاهُ، وَنَزَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ خَضْخَضَهُ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ.

[قَوْلُهُ: وَالِاسْتِنْشَاقُ] هُوَ لُغَةً الشَّمُّ، وَشَرْعًا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْخَيَاشِيمِ إلَخْ، فَلَوْ دَخَلَ الْمَاءُ أَنْفَهُ بِغَيْرِ إدْخَالٍ بِالنَّفَسِ بِأَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إدْخَالٍ أَوْ بِإِدْخَالٍ لَا بِالنَّفَسِ، فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ، وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، [قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالِاسْتِنْثَارُ] رُبَّمَا تُفِيدُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ أَكْثَرَ النُّسَخِ عَلَى حَذْفِهَا مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ هَذِهِ النُّسْخَةُ أَعْنِي الْمُثْبَتَةَ.

تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ فِي تِلْكَ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ مِنْ نِيَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، كَذَا يُفِيدُهُ بَعْضُهُمْ قَالَ عج وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْكُلَّ فِي النِّيَّةِ كَأَنْ يَنْوِيَ سُنَنَ الْوُضُوءِ.

[قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ] صِفَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ بَاطِنَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الشَّحْمَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>