وَالتَّعْظِيمُ (فَ) يُنْتِجُ لَهُ هَذَا أَنَّهُ (يَعْمَلُ) الْوُضُوءَ (عَلَى يَقِينٍ بِذَلِكَ) الْخُضُوعِ (وَتَحَفُّظٍ) بِذَلِكَ.
ق: الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى الْخُضُوعِ، أَيْ فَيَعْمَلُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَخْضَعَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَالَ ع: يَحْسُنُ أَنْ تَعُودَ عَلَى عَمَلِ الْوُضُوءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ عَلَى قَوْلِهِ يَرْجُو تَقَبُّلَهُ إلَخْ.
أَيْ وَيَتَحَفَّظُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ عَنْ النَّقْصِ وَلِدَفْعِ
ــ
[حاشية العدوي]
فَكَيْفَ اسْتَعْمَلَ هَاهُنَا بِأَمْرَيْنِ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ مَحْذُوفٌ وَهُوَ إذَا كَانَ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَصَاحِبُ الْحَالِ ضَمِيرُ كَانَ الْعَائِدُ عَلَى الْعَبْدِ، وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ أَقْرَبَ حَالِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ أَحْوَالِهِ مَعَ رَبِّهِ يَتَحَقَّقُ وَقْتَ وُجُودِهِ الْمُقَيَّدِ بِالسُّجُودِ أَيْ إنَّ وَقْتَ وُجُودِهِ الْمُقَيَّدَ بِالسُّجُودِ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ أَقْرَبُ أَحْوَالِهِ مَعَ رَبِّهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ كُلِّيٌّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وُجِدَ لَهُ فَرْدٌ وَاحِدٌ فِي الْخَارِجِ وَهُوَ السُّجُودُ أَيْ يَتَحَقَّقُ هَذَا الْكُلِّيُّ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ جُزْئِهِ الَّذِي هُوَ السُّجُودُ، أَيْ فَلَمَّا تَحَقَّقَ هَذَا الْكُلِّيُّ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ لَا غَيْرُ نَاسَبَ تَخْصِيصَهُ بِالذِّكْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنْتِجُ الِاقْتِصَارَ عَلَى السُّجُودِ وَحَذْفَ الرُّكُوعِ فَتَدَبَّرْ الْمَقَامَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مِنْ رَبِّهِ أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ. قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى مُسْلِمٍ.
[قَوْلُهُ: ذَلِكَ] أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْوُضُوءَ تَأَهُّبٌ وَاسْتِعْدَادٌ إلَخْ. [قَوْلُهُ: الْإِجْلَالُ] أَيْ إجْلَالُ الْعَبْدِ مَوْلَاهُ وَتَعْظِيمُهُ لَهُ وَعَطْفُ التَّعْظِيمِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ [قَوْلُهُ: فَيُنْتِجُ لَهُ هَذَا] الْإِتْيَانُ بِإِشَارَةِ الْقَرِيبِ وَهُوَ لَفْظَةُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُشَارَ لَهُ الْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ، وَأَنَّ هَذِهِ النَّتِيجَةَ إنَّمَا هِيَ نَتِيجَتُهُ لَا نَتِيجَةُ مَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ أَنَّ الْأَوْضَحَ أَنْ يَجْعَلَ نَتِيجَتَهُ هَذَا، وَإِنْ صَحَّ جَعَلَهُ نَتِيجَةً لِلْمُصَرَّحِ بِهِ، وَإِفْرَادُ الْإِشَارَةِ مَعَ أَنَّهُمَا اثْنَانِ نَظَرًا لِكَوْنِهِمَا بِمَعْنًى.
[قَوْلُهُ: يَعْمَلُ الْوُضُوءَ] أَيْ يُحَصِّلُ الْوُضُوءَ [قَوْلُهُ: عَلَى يَقِينٍ] أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى يَقِينٍ بِالْخُضُوعِ، أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى جَزْمِهِ بِوُجُوبِ الْخُضُوعِ لِمَوْلَاهُ عَلَى قَوْلِ الْأَقْفَهْسِيِّ الْمَذْكُورِ.
ثُمَّ أَقُولُ: وَفِي الْكَلَامِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزْمَ بِوُجُوبِ الْخُضُوعِ نَاشِئٌ مِنْ الْأَمْرِ لَا مِنْ إجْلَالِهِ الْقَائِمِ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ إجْلَالُهُ الْقَائِمُ بِهِ يَنْشَأُ مِنْ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ.
[قَوْلُهُ: وَتَحَفُّظٍ] سَيَأْتِي مُتَعَلِّقُهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْ تَحَفُّظٍ عَنْ الْوَسْوَسَةِ فِيهِ [قَوْلُهُ: بِذَلِكَ] أَيْ بِالْخُضُوعِ أَيْ بِسَبَبِ الْخُضُوعِ أَيْ يَتَحَفَّظُ فِي الْوُضُوءِ عَنْ النَّقْصِ بِسَبَبِ الْخُضُوعِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِجْلَالَ وَالتَّعْظِيمَ يُنْتِجُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْوُضُوءِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى تَحَفُّظٍ فِي الْوُضُوءِ مِنْ النَّقْصِ بِسَبَبِ الْخُضُوعِ، وَلَا يَخْفَى أَنْ يَجْعَلَ السَّبَبَ فِي الدَّفْعِ الْمَذْكُورِ الْإِجْلَالَ وَالتَّعْظِيمَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ الْخُضُوعَ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ] أَيْ يُحَصِّلُ الْخُضُوعَ لِلَّهِ بِسَبَبِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَهُمَا سَبَبَانِ لِتَحْصِيلِ الْخُضُوعِ أَيْ التَّذَلُّلِ، أَوْ أَنَّهَا لِلتَّصْوِيرِ أَيْ فَيَعْمَلُ عَلَى يَقِينِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحَصِّلَ الْخُضُوعَ لِلَّهِ مُصَوِّرًا ذَلِكَ أَيْ الْخُضُوعَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ عَلَى عَمَلِ الْوُضُوءِ] أَيْ يَعْمَلُ عَمَلَ الْوُضُوءِ عَلَى يَقِينٍ بِهِ أَيْ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُهُ سَهْوٌ وَلَا غَفْلَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ.
[قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ عَلَى قَوْلِهِ يَرْجُو تَقَبُّلَهُ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى مَعْنَى تَيَقُّنِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِرَجَاءِ التَّقَبُّلِ أَوْ عَلَى مَعْنَى يَتَيَقَّنُ نَفْسَ رَجَائِهِ أَيْ نَفْسَ هَذَا الْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ الرَّجَاءُ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ، أَوْ عَلَى مَعْنَى يَتَيَقَّنُ أَنَّ تَقَبُّلَهُ مَرْجُوٌّ أَوْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ يُتَقَبَّلُ وَفِي كُلٍّ بَحْثٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى تَمَكُّنِ الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ تَيَقُّنُ الْمَطْلُوبِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَ الْمَطْلُوبِيَّةِ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ أَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى فَيُنْتِجُ لَهُ مَا ذُكِرَ مِنْ إجْلَالِهِ الْمَوْلَى وَتَعْظِيمِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَيَقِّنًا لِرَجَائِهِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ، أَيْ