للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَغْسِلُ مَا حَقُّهُ الْغَسْلُ فِي هَذَا الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْسِلُهُ مَرَّةً مَرَّةً بِنِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ، وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرٌ أَيْ بِالْغَرَفَاتِ الثَّلَاثِ.

ع عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثَّلَاثِ، وَلَوْ عَمَّ بِالْوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ عَمَّ بِوَاحِدَةٍ وَاجْتَزَى بِهَا أَجْزَأْته، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ بِالثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ حَتَّى يَعُمَّ (وَتَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ) قِيلَ الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَسْلِ الْأَذَى وَتَقْدِيمِ الْوُضُوءِ وَتَخْلِيلِ أُصُولِ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: عَائِدَةٌ إلَى الْغَرَفَاتِ إذْ الْمَرْأَةُ لَا تُخَلِّلُ.

(وَ) إنَّمَا (تَضْغَثُ) عِيَاضٌ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْغَيْنِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَآخِرُهُ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ مَعْنَاهُ تَجْمَعُ وَتَضُمُّ (شَعْرَ رَأْسِهَا) وَتُحَرِّكُهُ وَتَعْصِرُهُ بِيَدَيْهَا لِيُدَاخِلَهُ الْمَاءُ (وَلَيْسَ عَلَيْهَا) لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ (حَلُّ عِقَاصِهَا) وَفِي رِوَايَةٍ عِقَاصِهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَعَلَى الثَّانِي عَلَى الرَّأْسِ، وَالْعِقَاصُ جَمْعُ عَقِيصَةٍ وَهِيَ الْخُصْلَةُ مِنْ الشَّعْرِ تُضَفِّرُهَا ثُمَّ تُرْسِلُهَا، وَدَلِيلُ مَا قَالَ مَا فِي مُسْلِمٍ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: لَا إنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْهَا الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» وَفِي رِوَايَةٍ أَفَأَنْقُضُهُ فِي الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ فَقَالَ: " لَا ".

ج: هَذَا إذَا كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

غَسْلَ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ، وَغَالِبُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ قَائِلٌ بِإِعَادَةِ غَسْلِهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْسِلُهُ مَرَّةً مَرَّةً] أَيْ وَكَذَا الْمَضْمَضَةُ مَرَّةً وَالِاسْتِنْشَاقُ مَرَّةً كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ بِخِلَافِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ ثَلَاثًا [قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَصْغَرِ لَا تُجْزِئُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ، بَلْ لَوْ نَوَى الْأَصْغَرَ وَاقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ لَكَانَ كَافِيًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِهَا، وَأَمَّا إنْ فَعَلَهُ بِنِيَّةِ الِاسْتِحْبَابِ شُرَّاحُ الْمُخْتَصَرِ إنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ اهـ.

[قَوْلُهُ: لَا أُحِبُّ] أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ [قَوْلُهُ: وَاجْتَزَى بِهَا] أَيْ اكْتَفَى بِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزِيدُ] أَيْ وُجُوبًا وَهَلْ يُطْلَبُ بِالْمُسْتَحَبِّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ نَصًّا [قَوْلُهُ: قِيلَ الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ إلَخْ] هَذَا الْقَوْلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ، هَذَا الْقَوْلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ لِأَنَّ التَّخْلِيلَ الْمَذْكُورَ هُوَ التَّخْلِيلُ بِالْأَصَابِعِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْبَلَلِ لِأَجْلِ الْفَائِدَتَيْنِ وَهَذَا يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْته.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ أَبْيَنُ اهـ.

[قَوْلُهُ: إذْ الْمَرْأَةُ إلَخْ] قَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ سُقُوطَ هَذَا الْكَلَامِ.

[قَوْلُهُ: وَتَضُمُّ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ تَجْمَعُ [قَوْلُهُ: فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ] وَأَوْلَى الْمَسْنُونُ وَالْمَنْدُوبُ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي عَلَى الرَّأْسِ] أَيْ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ.

[قَوْلُهُ: تُضَفِّرُهَا] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَضَفَّرَتْ الشَّعْرَ ضَفْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ جَعَلَتْهُ ضَفَائِرَ كُلُّ ضَفِيرَةٍ عَلَى حِدَةٍ. فَالْفَاءُ مِنْ تُضَفِّرُهَا مَكْسُورَةٌ، [قَوْلُهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ] هِيَ هِنْدُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّةُ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ.

[قَوْلُهُ: أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي] أَيْ أُضَفِّرُ رَأْسِي ضَفْرًا شَدِيدًا وَقَالَ شَارِحُ مُسْلِمٍ بِفَتْحِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْفَاءِ.

أَيْ أُحْكِمُ فَتْلَ شَعْرِي وَقِيلَ صَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ اهـ. لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْحَمْلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا.

[قَوْلُهُ: أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ إلَخْ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ فِي الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ، قَوْلُهَا لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَقِيلَ تُخَلِّلُهُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ لَا الْجَنَابَةِ حَكَى ذَلِكَ الْقَوْلَ تت. وَكَأَنَّ صَاحِبَ ذَلِكَ الْقَوْلِ اعْتَبَرَ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ [قَوْلُهُ: أَنْ تَحْثِي] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ حَثَا الرَّجُلُ التُّرَابَ يَحْثُوهُ حَثْوًا وَيَحْثِيهِ حَثْيًا مِنْ بَابِ رَمَى لُغَةً إذَا هَالَهُ بِيَدِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَاءِ يَكْفِيهِ أَنْ يَحْثُوَ ثَلَاثَ حَثَوَاتٍ الْمُرَادُ ثَلَاثُ غَرَفَاتٍ عَلَى التَّشْبِيهِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ تُفِيضِي] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَأَفَاضَ الْمَاءَ صَبَّهُ اهـ، الْمُرَادُ مِنْهُ فَهُوَ رُبَاعِيٌّ [قَوْلُهُ: عَلَيْهِ إلَخْ] فِي الْعِبَارَةِ تَحْرِيفٌ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي مُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>