للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ الْمُغْتَسِلِ (فَلْيُمِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ) الْمَسِّ (بِيَدَيْهِ عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ عَلَى مَا يَنْبَغِي مِنْ ذَلِكَ) قِيلَ الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَقِيلَ عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَّتِهِ وَفَضَائِلِهِ، وَقِيلَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَالدَّلْكِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ يَنْبَغِي عَلَى بَابِهِ وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ (وَ) اُخْتُلِفَ فِي تَجْدِيدِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: (يَنْوِيهِ) أَيْ يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهَا.

وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهَا، وَمَبْنَى الْخِلَافِ هَلْ يَطْهُرُ كُلُّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أَوْ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْكَمَالِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَزِمَ تَجْدِيدُهَا؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ قَدْ ذَهَبَتْ بِالْحَدِيثِ فَوَجَبَ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لَهَا عِنْدَ تَجْدِيدِ الْغُسْلِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْدِيدُهَا لِبَقَائِهَا ضِمْنًا فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى.

بَابُ التَّيَمُّمِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ مِنْ الْمُغْتَسِلِ] أَيْ مِنْ نَفْسِهِ فَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ] لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَسَلَهَا كُلَّهَا سَابِقًا ثُمَّ مَسَّ أَوْ غَسَلَ بَعْضَهَا، [قَوْلُهُ: بِالْمَاءِ] مُتَعَلِّقٌ بِيَمُرُّ وَهِيَ بِمَعْنَى مَعَ يَعْنِي بِمَاءٍ مُسْتَأْنَفٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَنْبَغِي] أَيْ مَعَ مَا يَنْبَغِي.

[قَوْلُهُ: قِيلَ الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ] أَيْ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِذِكْرِهِ الصِّفَةَ فِي الْوُضُوءِ، [قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَى فَرَائِضِ إلَخْ] أَيْ الَّتِي احْتَوَتْ عَلَيْهَا الصِّفَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْوُضُوءِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ] الْمُرَادُ بِهِ إفَاضَةٌ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَعَطْفُ الدَّلْكِ مُغَايِرٌ.

تَنْبِيهٌ: إفْرَادُ الْإِشَارَةِ بِاعْتِبَارِ هَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ لَهُ عَلَى الْقِيلِ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الثَّالِثِ اثْنَانِ.

[قَوْلُهُ: يَنْبَغِي عَلَى بَابِهِ] لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَنَا سُنَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ الْمُتَحَقِّقَ فِي السُّنَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُرَادُ، فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّرْتِيبُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الْوُضُوءِ مُسْتَحَبًّا قُلْت ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ بِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ سُنَّةٌ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ] ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي فَالْوُجُوبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْفَرَائِضِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ السُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات فَلَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، أَيْ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ وَأَنْ يُثَلِّثَ وَقَدْ أَشَارَ عج إلَى التَّثْلِيثِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ يُشْعِرُ بِطَلَبِ تَكْرَارِ الْغَسْلِ فِي الْوُضُوءِ، فَلَيْسَ كَالْوُضُوءِ الَّذِي يُفْعَلُ قَبْلَ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفَادَ أَنَّهُ إذَا مَسَّهُ فِي أَثْنَاءِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً، كَمَا إذَا مَسَّهُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ.

[قَوْلُهُ: يَنْوِيهِ] أَيْ يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لَمْ يُجْزِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا نَوَى الْمُتَوَضِّئُ غَيْرُ الْجُنُبِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ.

قَالَهُ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْقَابِسِيِّ ضَعِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي النِّيَّةِ، وَأَمَّا الْمَسُّ بِالْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَأَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَمَسَّهُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ فِعْلِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، أَوْ بَعْدَ كُلِّهَا قَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَأَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِوُضُوءٍ وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْوُضُوءُ بِنِيَّتِهِ وَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ فِيهِ، وَتَثْلِيثُ كُلِّ عُضْوٍ فِيهِ التَّثْلِيثُ كَوُضُوءِ غَيْرِ الْجُنُبِ أَفَادَهُ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ -[قَوْلُهُ: لِبَقَائِهَا ضِمْنًا إلَخْ] أَيْ لِبَقَاءِ النِّيَّةِ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مَا فَعَلَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْمَسِّ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِهِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ، لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُ الْقَابِسِيِّ لَا يَتَحَقَّقُ رَفْعُهُ إلَّا بِتَمَامِ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا فَالرَّفْعُ قَدْ حَصَلَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ إعَادَةِ مَسِّهِ بِالْمَاءِ، لَا يُقَالُ إذَا حَصَلَ رَفْعُهُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَوَازُ مَسِّهِ يَرْفَعُهُ عَنْ الْمَاسِّ لَا عَنْ الْعُضْوِ أَشَارَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>