مِنْ الْأَذَى بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (يَحْذَرُ) أَيْ يَتَحَفَّظُ بَعْدَ ذَلِكَ (أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ فِي) حَالِ (تَدَلُّكِهِ بِبَاطِنِ كَفِّهِ) ظَاهِرُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ إلَّا بِبَاطِنِ الْكَفِّ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّهِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ بِبَاطِنِ الْأَصَابِعِ زَادَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ بِجَانِبَيْهِمَا (فَإِنْ) لَمْ يَتَحَفَّظْ مِنْ مَسِّهِ وَ (فَعَلَ ذَلِكَ) الْمَسَّ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ أَوْعَبَ) أَيْ أَكْمَلَ (طُهْرَهُ) وَهُوَ بِالْقُرْبِ (أَعَادَ الْوُضُوءَ) إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهَذَا الْغُسْلِ، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ حَتَّى يُرِيدَ الصَّلَاةَ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ، وَحَيْثُ قُلْنَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ يَنْوِيهِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ قَدْ ارْتَفَعَ.
(وَ) أَمَّا (إنْ مَسَّهُ فِي ابْتِدَاءِ غُسْلِهِ وَبَعْدَ أَنْ غَسَلَ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ مِنْهُ) أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
تَمَامِ الْوُضُوءِ فَلَعَلَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ الَّذِي يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي.
[قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ تَوَضَّأَ أَيْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ، أَيْ أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَوْلُهُ يَحْذَرُ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ، أَيْ فَيَمُرُّ عَلَى ذَكَرِهِ بِخِرْقَةٍ وَإِلَّا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ إنْ غَسَلَهُ بِلَا خِرْقَةٍ، أَوْ يَبْطُلُ غُسْلُهُ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ أَصْلًا، فَإِنْ قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى نَوَى الْجَنَابَةَ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَنْوِيَ الْجَنَابَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ لِاسْتِصْحَابِ الْأَوْلَى، وَهَذَا الْوُضُوءُ إنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فَهُوَ صُورَةُ وُضُوءٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ غَسَلَ مَا بِفَرْجِهِ، أَيْ غَسَلَ غُسْلًا مُلْتَبِسًا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ وَيُعَمِّمُ فِي الِالْتِبَاسِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَنْوِيَ غَسْلَ مَا بِفَرْجِهِ مِنْ الْأَذَى وَنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ مَعًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَعْقُبَ غَسْلُ مَا بِفَرْجِهِ مِنْ الْأَذَى نِيَّةَ رَفْعِ الْجَنَابَةِ، [قَوْلُهُ: أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ] إنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَسِّ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ النَّوَاقِضِ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إلَخْ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِالْكَفِّ هُنَا بَاطِنَ الْأَصَابِعِ.
[قَوْلُهُ: بِبَاطِنِ الْكَفِّ] اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ مَسَّهُ بِظَاهِرِ كَفِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَذِرَاعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، [قَوْلُهُ: زَادَ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ لِأَشْهَبَ وَلَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هِيَ زِيَادَةٌ مِنْ عِنْدِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَيَبْعُدُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ مَعًا إلَى كَلَامٍ مِنْ عِنْدِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَبِعَ فِيهَا وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ غَيْرُهُمَا قَوِيَتْ عِنْدَهُ فَتَبِعَهُ.
[قَوْلُهُ: وَفَعَلَ ذَلِكَ الْمَسَّ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَسَّ فِعْلٌ فَكَيْفَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفِعْلُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَسِّ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ، وَيُرَادَ بِالْفِعْلِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْقُرْبِ] إنَّمَا قَيَّدَ بِالْقُرْبِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ الْبُعْدَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَقَدْ أَفَادَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَأْتِي؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ، أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْبُعْدِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ بِنِيَّةٍ بِالِاتِّفَاقِ.
[قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهَذَا الْغُسْلِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَّصِفُ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ مُصَلٍّ بِهَذَا الْغُسْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ مُصَلٍّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ اتِّفَاقًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
[قَوْلُهُ: بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ] إنَّمَا قَالَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَأْتِي؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ لَهُ حُكْمُهُ فَحُكْمُ نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ بَاقٍ عَلَيْهِ، اهـ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَمَّا اعْتَرَضْنَا بِهِ سَابِقًا مِنْ قَوْلِنَا فَقَضِيَّتُهُ إلَخْ.
تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ.
[قَوْلُهُ: وَبَعْدَ أَنْ غَسَلَ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ] أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، كَمَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ نَقَلَهُ تت عَنْهُ.
[قَوْلُهُ: