عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ وَاجِبٌ فِي عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَمَنْ جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَلِوُجُوبِهِ سِتُّ شَرَائِطَ: وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَارْتِفَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ الْوَقْتِ وَعَدَمُ الْمَاءِ أَوْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَالشَّرْطَانِ الْأَخِيرَانِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا مَعَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ: (التَّيَمُّمُ يَجِبُ لِعَدَمِ الْمَاءِ) إمَّا حَقِيقَةً بِأَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ أَصْلًا وَإِمَّا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَجِدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ (فِي السَّفَرِ) أَوْ فِي الْحَضَرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ سَفَرَ قَصْرٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسَافِرُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا، وَلَا يَكُونُ عَدَمُ الْمَاءِ سَبَبًا لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ إلَّا (إذَا يَئِسَ أَنْ يَجِدَهُ) ك: يُرِيدُ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِ (فِي الْوَقْتِ) ق: يُرِيدُ بِالْوَقْتِ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ مَوْضِعُ السُّجُودِ قِيلَ مَسْجَدٌ بِالْفَتْحِ فَقَطْ فَوَاضِحٌ وَإِنْ جَوَّزَ الْكَسْرَ فِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ هِيَ كَوْنُ الْأَرْضِ مَحِلًّا لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ بِجُمْلَتِهَا لَا لِإِيقَاعِ السُّجُودِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَخُصُّ السُّجُودَ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. [قَوْلُهُ: «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا» ] بِفَتْحِ الطَّاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُنَاوِيُّ وَمَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَمِ لَا يُصَلِّي إلَّا بِالْوُضُوءِ فَقَدْ كَانُوا إذَا عَدِمُوا الْمَاءَ لَا يُصَلُّونَ حَتَّى يَجِدُوهُ، ثُمَّ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ وَخُصَّتْ الْيَهُودُ بِرَفْعِ الْجَنَابَةِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي دُونَ غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» أَرْضُ دِيَارِ ثَمُودَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَا التَّيَمُّمُ مِنْهَا وَلَا الْوُضُوءُ مِنْ مَائِهَا اهـ.
[قَوْلُهُ: فَمَنْ جَحَدَهُ] تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْإِجْمَاعُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِ الشَّيْءِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ يَكُونُ كَافِرًا لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يَتَرَتَّبُ إلَّا عَلَى كَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
[قَوْلُهُ: شَرَائِطُ] جَمْعُ شَرِيطَةٍ بِمَعْنَى مَشْرُوطَةٍ.
[قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ] الصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ وَبَقِيَ اثْنَانِ، وَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْأَعْضَاءِ حَائِلٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُنَافٍ كَمَا قِيلَ فِي الْوُضُوءِ وَيُزَادُ أُمُورٌ تُشْتَرَطُ فِي الصِّحَّةِ مُوَالَاتُهُ فِي نَفْسِهِ وَلِمَا فُعِلَ لَهُ.
[قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ] شَرْطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَكَذَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَثُبُوتُ حُكْمِ الْحَدَثِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ، فَشُرُوطُ الْوُجُوبِ ثَلَاثَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ] وَهُوَ ارْتِفَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ الْوَقْتِ، أَيْ أَوْ تَذَكُّرُ الْفَائِتَةِ وَعَدَمُ الْمَاءِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَوُجُودُ الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ وَكَوْنُ الْمُكَلَّفِ غَيْرَ سَاهٍ وَلَا نَائِمٍ وَلَا غَافِلٍ.
[قَوْلُهُ: وَالشَّرْطَانِ الْأَخِيرَانِ] أَيْ اللَّذَانِ هُمَا عَدَمُ الْمَاءِ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، فَقَدْ جَعَلَ ارْتِفَاعَ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شَرْطًا وَاحِدًا [قَوْلُهُ: إلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا] أَيْ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا حُكْمًا] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا فَسَّرَ الْمَاءَ بِالْمَاءِ الْكَافِي لِمَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْجَسَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَالْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّهَارَةِ الصُّغْرَى فَهُوَ عَادِمٌ حَقِيقَةً فِي الْأَمْرَيْنِ.
[قَوْلُهُ: مَاءً لَا يَكْفِيهِ إلَخْ] أَيْ لِلْفَرَائِضِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ مَا يَسْقُطُ مِنْ أَعْضَائِهِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيَفْعَلْ وَلْيَغْسِلْ بِذَلِكَ بَاقِيَ أَعْضَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَيَمَّمْ.
[قَوْلُهُ: فِي السَّفَرِ] وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إذَا كَانَتْ تُفْعَلُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا إبَاحَةُ السَّفَرِ بِخِلَافِ فِطْرِ الصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَ مُبَاحًا وَأَرْبَعَةَ بُرُدٍ كَقَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: يُرِيدُ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ شَكَّ أَوْ رَجَا الْمَاءَ أَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَأَجَابَ عج بِأَنَّ قَوْلَهُ إذَا أَيِسَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي وَالتَّقْدِيرُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَقْدِيمُهُ إذَا أَيِسَ أَنْ يَجِدَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إذَا أَيِسَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ