للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ وَهُوَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ، وَالْيَأْسُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَهُ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِمِثْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إلَّا إذَا كَانَ يَرْجُو وُجُودَهُ أَوْ يَتَوَهَّمُهُ، أَمَّا إنْ قَطَعَ بِعَدَمِهِ فَلَا يَطْلُبُهُ.

وَالثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ أَوَّلُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَقَدْ يَجِبُ) التَّيَمُّمُ (مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ الْمَاءِ (إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَسِّهِ) سَوَاءٌ كَانَ (فِي سَفَرٍ أَوْ) فِي (حَضَرٍ لِ) أَجْلِ (مَرَضٍ مَانِعٍ) مِنْ اسْتِعْمَالِهِ بِأَنْ يَخَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ فَوَاتَ رَوْحِهِ أَوْ فَوَاتَ مَنْفَعَةٍ أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ك: وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ الصَّحِيحُ نَزْلَةً أَوْ حُمَّى، فَإِنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَتَأَلَّمُ فِي الْحَالِ وَلَا يَخَافُ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ أَوْ الْغُسْلُ، وَثَانِيهِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ مَرِيضٌ يَقْدِرُ عَلَى مَسِّهِ) أَيْ الْمَاءِ.

(وَ) لَكِنْ (لَا يَجِدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّاجِيَ وَالْمُتَرَدِّدَ يَتَيَمَّمُ، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ يَجِبُ هَلْ أَرَادَ الْوُجُوبَ الْمُوَسَّعَ أَوْ الْفَوْرِيَّ قُلْت الْوُجُوبَ الْمُوَسَّعَ.

[قَوْلُهُ: يُرِيدُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ] وَهُوَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ أَيْ فِي الْأَغْلَبِ كَمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَيِسَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَهُ] أَيْ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ إذَا حَلَّ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ بِهِ لَكِنْ حَدَثَ مَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْمَاءِ وَالطَّلَبَ، إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ تُسَاوِي الثَّمَنَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ بِهِ.

[قَوْلُهُ: لَا يَشُقُّ بِمِثْلِهِ] أَيْ فَلَيْسَ الرَّجُلُ وَالضَّعِيفُ كَالْمَرْأَةِ وَالْقَوِيِّ، أَيْ وَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ رَاكِبًا، أَوْ رَاجِلًا فَإِنْ شَقَّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَبُهُ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا كَمَا إذَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ شَقَّ أَمْ لَا رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ بِالْفِعْلِ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ.

[قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ يَرْجُو إلَخْ] لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى صُورَةِ التَّوَهُّمِ لَفُهِمَ مَا عَدَاهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضٌ أَنْ يَخْتَلِفَ حُكْمُ الطَّلَبِ فَلَيْسَ طَلَبُ الظَّانِّ كَطَلَبِ الشَّاكِّ وَلَا الشَّاكِّ كَالْمُتَوَهِّمِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مُتَوَهِّمَ الْوُجُودِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ.

قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ الصَّوَابُ فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُ شَارِحِنَا أَوْ يَتَوَهَّمُهُ ضَعِيفًا.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ قَطَعَ بِعَدَمِهِ] أَيْ اعْتَقَدَ عَدَمَهُ، أَيْ جَزَمَ بِعَدَمِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّحَقُّقَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَرَضٍ مَانِعٍ] أَيْ حَاصِلٍ أَوْ مُتَرَقَّبٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ فَيَتَنَاوَلُ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَقْسَامِ وَلَوْ كَانَ تَسَبَّبَ فِي الْمَرَضِ.

[قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ فَوَاتَ رُوحِهِ] أَيْ يَخَافُ بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَوْتَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ وَالْوَهْمِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ فَوَاتَ مَنْفَعَةٍ إلَخْ] إنْ كَانَ قَصْدُهُ مَنْفَعَةً تُوجَدُ مِنْهُ فَهُوَ لَا يَخْرُجُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ إلَخْ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفْرِدَ هَذَا بِالذِّكْرِ وَيُمَثِّلُ لَهُ بِمَا إذَا خَافَ عَطَشَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ فِي رُفْقَتِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قِرْدًا أَوْ دُبًّا وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ تَحَقُّقُ عَطَشِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ ظَنَّ كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْمَاءَ لِذَلِكَ وَيَتَيَمَّمُ، وَأَمَّا الشَّكُّ فَلَا وَأَوْلَى التَّوَهُّمُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْعَطَشِ بِالْفِعْلِ وَخَافَ الضَّرَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ مُطْلَقًا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ لِأَنَّ التَّلَبُّسَ بِالْعَطَشِ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَمِثْلُهُ الْخِنْزِيرُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِمَا وَإِلَّا تَرَكَ الْمَاءَ لَهُمَا وَلَا يُعَذَّبَانِ بِالْعَطَشِ.

[قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ] اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ فِي زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَأَخُّرِ الْبُرْءِ وَحُدُوثِ الْمَرَضِ خِلَافًا فَالْمَعْرُوفُ مَا قَالَهُ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ، وَأَمَّا إذَا خَافَ الْمَوْتَ فَيُتَّفَقُ عَلَى التَّيَمُّمِ هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ الصَّحِيحُ نَزْلَةً أَوْ حُمَّى] مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ أَوْ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِهِ، بِأَنْ يَقْصُرُ قَوْلَهُ أَوْ حُدُوثِ مَرَضٍ عَلَى غَيْرِ النَّزْلَةِ وَالْحُمَّى وَالنَّزْلَةِ وَالزُّكَامِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْحُمَّى وَلَوْ خَفِيفَةً كَمَا فِي شَرْحِ عج.

[قَوْلُهُ: أَوْ مَرِيضٌ إلَخْ] مَعْطُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>