بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
(بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) :
التَّقْدِيرُ هَذَا بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَسُقُوطِ التَّوْقِيتِ فِيهِ وَمَا يُبْطِلُهُ وَبَعْضِ شُرُوطِهِ وَصِفَتِهِ وَمَا يَمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ، وَابْتَدَأَ بِحُكْمِهِ فَقَالَ: (وَلَهُ) أَيْ وَرُخِّصَ لِلْمَاسِحِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ) وَيُرْوَى عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَتَا وَرُخِّصَ هُنَا لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ فِي بَابِ جُمَلٍ وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ وَهِيَ مَا شُرِعَ عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ وَالْمُسَامَحَةِ، وَيَنْوِي بِمَسْحِهِ الْفَرِيضَةَ وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَا تَخْتَصُّ الرُّخْصَةُ بِالسَّفَرِ بَلْ تَكُونُ (فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) الْمُبَاحِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الزَّمَانِ (مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا) فَإِذَا نَزَعَهُمَا بَطَلَ الْمَسْحُ بِلَا خِلَافٍ وَتَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ، فَإِنْ أَخَّرَ غَسْلَهُمَا عَامِدًا بِقَدْرِ مَا تَجِفُّ فِيهِ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ، وَالنَّاسِي يَبْنِي طَالَ أَوْ لَمْ يَطُلْ،
ــ
[حاشية العدوي]
بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ [قَوْلُهُ: وَسُقُوطِ التَّوْقِيتِ فِيهِ] أَيْ فِي الْمَسْحِ فَلَا نُحِدُّهُ بِحَدٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَوْقِيتُهُ فِي الْحَضَرِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي السَّفَرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. [قَوْلُهُ: وَمَا يَمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ] الْأَوْلَى وَمَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمَسْحِ [قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ] أَيْ أَوْ مِنْ الْمَسْحِ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَاسِحٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ وَرُخِّصَ] أَيْ جُوِّزَ فَالْمَسْحُ جَائِزٌ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ مِنْهُ فَيَكُونُ الْجَوَازُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى [قَوْلُهُ: عَلَى الْخُفِّ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ كَالْجُرْمُوقَيْنِ تَثْنِيَةُ جُرْمُوقٍ، وَهُمَا خُفَّانِ غَلِيظَانِ لَا سَاقَ لَهُمَا وَمِثْلُهُمَا الْجَوْرَبَانِ وَهُمَا عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ نَحْوِ قُطْنِ جِلْدٍ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا، أَوْ فِي إحْدَى الرِّجْلَيْنِ خُفٌّ وَفِي الثَّانِيَةِ جَوْرَبٌ وَجُرْمُوقٌ أَوْ جَوْرَبٌ عَلَى جَوْرَبٍ، أَوْ خُفٌّ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ خُفٌّ أَوْ جَوْرَبٌ عَلَى خُفٍّ فِي الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا.
[قَوْلُهُ: وَيُرْوَى عَلَى الْخُفَّيْنِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْأَوْلَى أَيْ الَّتِي هِيَ عَلَى الْخُفِّ هِيَ الصَّحِيحَةُ [قَوْلُهُ: رُخْصَةٌ] بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا تت، وَقَوْلُهُ وَتَخْفِيفٌ مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا شُرِعَ إلَخْ] عَرَّفَهُ الْفَاكِهَانِيُّ بِكَيْفِيَّةِ الرُّخْصَةِ، وَعُرِفَتْ بِتَعْرِيفٍ آخَرَ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّهَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَغَيِّرُ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ. [قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ] عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ التَّعْلِيلِيَّةِ وَإِضَافَةُ وَجْهِ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ، أَيْ أَنَّ الرُّخْصَةَ شَيْءٌ أَيْ حُكْمٌ شُرِعَ وَهُوَ جَوَازُ الْمَسْحِ فِي الْمَقَامِ لِأَجْلِ التَّخْفِيفِ، وَقَوْلُهُ وَالْمُسَامَحَةِ أَيْ السُّهُولَةِ وَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ أَوْ كَالْمُرَادِفِ [قَوْلُهُ: وَيَنْوِي بِمَسْحِهِ الْفَرِيضَةَ] قَالَ ابْنُ نَاجِي بِلَا خِلَافٍ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ كَوْنِهِ جَائِزًا بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى وَوَاجِبًا الَّذِي تَقْتَضِيه تِلْكَ النِّيَّةُ، إذْ جَوَازُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ تَرْكَهُ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَوُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيمِ الْغُسْلِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ السَّفَرِ مُبَاحًا لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الرُّخْصَةَ الَّتِي تُبَاحُ فِي الْحَضَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ فِعْلِهَا فِي السَّفَرِ إبَاحَتُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَقِيلَ إنَّ رُخْصَةَ الْمَسْحِ مُخْتَصَّةٌ بِالسَّفَرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَلِقَوْلِهِ الْمُبَاحِ. [قَوْلُهُ: عَامِدًا] وَمِثْلُهُ الْعَاجِزُ.
[قَوْلُهُ: أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute