للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا خَلَعَ إحْدَى خُفَّيْهِ خَلَعَ الْأُخْرَى وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَى إحْدَاهُمَا وَغَسْلُ الْأُخْرَى.

وَلِلْمَسْحِ شُرُوطٌ عَشَرَةٌ، خَمْسَةٌ فِي الْمَمْسُوحِ: أَنْ يَكُونَ جِلْدًا طَاهِرًا مَخْرُوزًا سَاتِرًا لِمَحِلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ تَتَابَعَ الْمَشْيُ فِيهِ، وَخَمْسَةٌ فِي الْمَاسِحِ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِهِ وَلَوْ مُتَرَفِّهًا بِلُبْسِهِ، وَأَنْ يَلْبَسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ إلَّا الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَالَ: (وَذَلِكَ) أَيْ الْمَسْحُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ (إذَا أَدْخَلَ) الْمَاسِحُ (فِيهِمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ (رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَهُمَا فِي وُضُوءٍ تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ) فَإِنَّ قَوْلَهُ: غَسَلَهُمَا يَتَضَمَّنُ لُبْسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَكَوْنَهَا مَائِيَّةً، وَقَوْلُهُ: تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ هُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا كَامِلَةً، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَا تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَالْوُضُوءِ لِلتَّبَرُّدِ وَمِثْلُ غَسْلِهِمَا فِي الْوُضُوءِ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ غَسْلُهُمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ (فَهَذَا الَّذِي) أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ إلَى آخِرِهِ هُوَ الَّذِي يُرَخَّصُ لَهُ (إذَا أَحْدَثَ) بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ.

(وَ) أَرَادَ أَنْ (يَتَوَضَّأَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا) وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ فِي رُخْصَةِ الْمَسْحِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ كُلِّهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ احْتِرَازًا مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْمَسْحِ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ لَبِسَهُمَا عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

يَكُونَ جِلْدًا] أَيْ لَا مَا صُنِعَ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ مِنْ قُطْنٍ وَنَحْوِهِ. [قَوْلُهُ: طَاهِرًا] لَا نَجِسًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَلَوْ دُبِغَ وَلَا مُتَنَجِّسًا [قَوْلُهُ: مَخْرُورًا] لَا مَا لُصِقَ عَلَى هَيْئَتِهِ بِنَحْوِ رَسْرَاسٍ. [قَوْلُهُ: سَاتِرًا لِمَحِلِّ الْفَرْضِ] وَهُوَ الْكَعْبَانِ لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ سَاتِرًا لِمَحِلِّ الْفَرْضِ مَا يَنْزِلُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِثِقَلِ خِيَاطَتِهِ كَسِرْوَالٍ، وَيُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ مَعَ سَتْرِهِ لِمَحِلِّ الْفَرْضِ فَيَرْفَعُهُ حَالَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَتْرُهُ بِذَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرًا بِالْفِعْلِ.

[قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ] أَيْ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ وَاسِعًا وَلَا ضَيِّقًا جِدًّا بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَشْيُ فِيهِ بِمَشَقَّةٍ فَلَا يَمْسَحُ حِينَئِذٍ.

[قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِهِ] احْتِرَازًا مِنْ الْعَاصِي بِلُبْسِهِ كَرَجُلٍ مُحْرِمٍ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ كَالْآبِقِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: وَلَا مُتَرَفِّهًا بِلُبْسِهِ] احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَبِسَهُ لِيَدْفَعَ عَنْهُ مَشَقَّةَ غَسْلِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ لِحِنَّاءٍ فِي رِجْلَيْهِ أَوْ لَبِسَهُ لِيَنَامَ فِيهِ أَوْ لِخَوْفِ بَرَاغِيثَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ التَّرَفُّهِ فَإِنْ مَسَحَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ وَيُعِيدُ أَبَدًا، وَأَمَّا لُبْسُهُ لِاتِّقَاءِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفِ عَقَارِبَ أَوْ اعْتَادَ لُبْسَهُ أَوْ لَبِسَهُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَلْبَسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ] فَلَا يَمْسَحُ لَابِسُهُ عَلَى حَدَثٍ. [قَوْلُهُ: مَائِيَّةٍ] وَلَوْ غَسْلًا فَلَا يَمْسَحُ لَابِسُهُ عَلَى طَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ [قَوْلُهُ: كَامِلَةٍ] أَيْ حِسًّا بِأَنْ أَتَمَّ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ قَبْلَ لُبْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ أَوْ غَسَلَ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى فَلَوْ خَلَعَهُمَا فِي الْأُولَى وَلَبِسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ أَوْ خَلَعَ الَّتِي لَبِسَهَا وَلَبِسَهَا بَعْدَ أَنْ غَسَلَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ، وَمَعْنَى بِأَنْ كَانَ يُسْتَبَاحُ بِهَا الصَّلَاةُ احْتِرَازًا مِنْ الْوُضُوءِ لِلتَّبَرُّدِ فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ قُصُورٌ حَيْثُ يُفِيدُ كَلَامُهُ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ الْكَمَالُ مَعْنًى.

[قَوْلُهُ: إلَّا الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ] أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّ قَوْلَهُ غَسَلَهُمَا] أَيْ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي وُضُوءٍ. [قَوْلُهُ: فَهَذَا الَّذِي إلَخْ] الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِمَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ بَعْدَ غَسْلِهِمَا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ.

[قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي يُرَخَّصُ لَهُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ مِنْ الشَّارِحِ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى قَوْلِهِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا مُجَرَّدُ الْحَدَثِ أَيْ يُرَخَّصُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ] مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ إذَا أَحْدَثَ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ] أَيْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا، وَزِيدَ شَرْطٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْخُفِّ حَائِلٌ، فَإِنْ مَسَحَ فَوْقَهُ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ بِأَعْلَاهُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ كَانَ بِأَسْفَلَ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْمَسْحِ] وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ بِالْفِعْلِ فَلَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ الْمُتَوَضِّئِ لِلنَّوْمِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>