بِالْمَدِّ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَهِيَ فِي الِاصْطِلَاحِ الْفَرَسُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَالْبَعِيرُ (حَتَّى يُزِيلَهُ) أَيْ مَا أَصَابَهُ مِنْهُمَا (بِمَسْحٍ) لِلطِّينِ (أَوْ غَسْلٍ) لِلرَّوْثِ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْخُفِّ وَهَذَا حَائِلٌ دُونَ الْخُفِّ فَوَجَبَ نَزْعُهُ لِيُبَاشِرَ الْمَسْحُ الْخُفَّ نَفْسَهُ، ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةً أُخْرَى فِي الْمَسْحِ فَقَالَ:.
(وَ) قَدْ (قِيلَ يَبْدَأُ فِي مَسْحِ أَسْفَلِهِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ) يَعْنِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى عَلَى الْيُسْرَى، وَإِنَّمَا كَانَ يَبْدَأُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ (لِئَلَّا يَصِلَ إلَى عَقِبِ خُفِّهِ شَيْءٌ مِنْ رُطُوبَةِ مَا مَسَحَ مِنْ خُفَّيْهِ مِنْ الْقَشْبِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ: الْعَذِرَةُ الْيَابِسَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ. ع: تَأَمَّلْ هَذَا هَلْ أَرَادَ أَنْ لَا يَنْقُلَ الْقَشْبَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ أَوْ إنَّمَا أَرَادَ لِئَلَّا يُنَجِّسَ أَعْلَى الْخُفِّ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَقِبَ إلَى الْكَعْبَيْنِ؟ وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي أَرَادَ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
بِأَعْلَى الْخُفِّ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَاطِلَةً لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ وَإِنْ كَانَ بِأَسْفَلِهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْحَائِلُ طِينًا أَوْ رَوْثًا طَاهِرًا فَإِنْ كَانَ نَجَسًا أَعَادَ أَبَدًا مَعَ الْعَمْدِ.
وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ أَوْ النِّسْيَانِ، وَتَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ إمَّا لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ.
[قَوْلُهُ: فِي الِاصْطِلَاحِ] أَيْ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ [قَوْلُهُ: وَالْبَعِيرِ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الدَّوَابِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَقْفَهْسِيُّ الذَّاكِرُ لِذَلِكَ التَّعْرِيفِ. [قَوْلُهُ: لِلطِّينِ إلَخْ] أَيْ أَوْ رَوْثِ الْبَعِيرِ. [قَوْلُهُ: لِلرَّوْثِ] أَيْ النَّجَسِ وَأَوْلَى لَوْ غَسَلَ الطِّينَ أَوْ الرَّوْثَ الطَّاهِرَ. [قَوْلُهُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَخْ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ دُونَ الْوُجُوبِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مَسْحَ أَسْفَلِ الْخُفِّ جُمْلَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا إعَادَةَ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ.
أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَعْلِيلَ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يُنْتِجُ تَعَيُّنَ غَسْلِ الرَّوْثِ النَّجَسِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْمَسْحُ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَيْسَ إلَّا لِصِحَّةِ الْمَسْحِ لَا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ زَرُّوقًا جَعَلَ قَوْلَهُ بِمَسْحٍ أَوْ غَسْلٍ رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْ الطِّينِ وَالرَّوْثِ أَيْ رَوْثِ الدَّوَابِّ، لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ مِنْ رَوْثِ الدَّوَابِّ الدَّلْكُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْعَذِرَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ يُرِيدُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَغْرَبَهُ ابْنُ نَاجِي وَظَاهِرُهُ إجْزَاءُ الدَّلْكِ فِي الرَّوْثِ وَلَوْ بِأَعْلَى الْخُفِّ قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْقَوْلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ بِمَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَابُّ اهـ.
[قَوْلُهُ: مِنْ رُطُوبَةٍ] مِنْ بَيَانٍ لِشَيْءٍ مَشُوبَةً بِالتَّبْعِيضِ [قَوْلُهُ: مِنْ خُفَّيْهِ] مُتَعَلِّقٌ بِمَسْحٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْقَشْبِ بَيَانٌ لِمَا.
[قَوْلُهُ: وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ] وَأَمَّا بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ فَضَرْبٌ مِنْ التَّمْرِ قَالَهُ الْخَطَّابُ. [قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعٍ] أَيْ مِنْ الْخُفِّ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، أَيْ مِنْ الْخُفِّ أَيْ هَلْ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ مِنْ الْعَقِبِ لَا تَنْتَقِلُ النَّجَاسَةُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَلَوْ بَدَأَ مِنْ الْأَصَابِعِ لَزِمَ عَلَيْهِ نَقْلُ النَّجَاسَةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ؟ أَيْ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَنَقُّلَ النَّجَاسَةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ لَازِمٌ، وَلَوْ ابْتَدَأَ مِنْ الْعَقِبِ أَيْ النَّقْلَ مِنْ حَيْثُ هُوَ نَقْلٌ أَوْ أَرَادَ أَنْ لَا تُنْقَلَ النَّجَاسَةُ إلَى الْأَعْلَى مِنْ حَيْثُ تَنْجِيسُهُ وَذَلِكَ لَا يَأْتِي إلَّا إذَا ابْتَدَأَ الْمَسْحَ مِنْ الْأَسْفَلِ، وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَ مِنْ الْأَعْلَى فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ عَدَمَ نَقْلِ النَّجَاسَةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبُدَاءَةِ مِنْ الْعَقِبِ لَا مِنْ الْأَصَابِعِ، فَلَا يَسْلَمُ، بَلْ نَقْلُ النَّجَاسَةِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الصِّفَتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ عَدَمَ نَجَاسَةِ الْأَعْلَى إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْبُدَاءَةِ مِنْ الْعَقِبِ لَا مِنْ الْأَصَابِعِ فَمُسَلَّمٌ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَقِبِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ إلَى الْعَقِبِ لَا إلَى مَا فَوْقَهُ [قَوْلُهُ: وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي] وَهُوَ إرَادَةُ أَنْ لَا يَنْجُسَ أَعْلَى الْخُفِّ بِخُصُوصِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِلْإِضْرَابِ، أَيْ بَلْ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي أَرَادَ، وَحَمَلْنَا عَلَى ذَلِكَ دَفْعَ التَّنَافِي فِي كَلَامِهِ حَيْثُ أَفَادَ أَوَّلًا التَّرَدُّدَ فِي الْمُرَادِ هَلْ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْ الْوَجْهُ الثَّانِي وَأَفَادَ ثَانِيًا الْجَزْمَ بِأَنَّ الْمُرَادَ