للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ، وَتَسْمِيَةُ الدُّعَاءِ صَلَاةً مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَهِيَ مِمَّا عُلِمَ وُجُوبُهَا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، فَجَاحِدُ وُجُوبِهَا كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَكَذَلِكَ بَاقِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ.

وَلِوُجُوبِهَا شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَارْتِفَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ، زَادَ عِيَاضٌ: وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ. وَهِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا، لِأَنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّمَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الشَّرَائِعِ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ فِي الْأَرْضِ، وَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ فَرْضِهَا فَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ وَزِيدَتْ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَقِيلَ: فُرِضَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ قُصِرَ مِنْهَا رَكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ.

وَأَمَّا مَعْرِفَةُ أَسْمَائِهَا فَوَاجِبَةٌ أَيْضًا لِأَنَّ بِهَا يَقَعُ التَّمْيِيزُ وَالتَّعْيِينُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الصَّلَاةَ

ــ

[حاشية العدوي]

[قَوْلُهُ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ الدُّعَاءِ] أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَأَرَادَ بِالِاشْتِقَاقِ النَّقْلَ أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةٌ عَنْ الدُّعَاءِ ثُمَّ نُقِلَتْ وَأُرِيدَ بِهَا تِلْكَ الْهَيْئَةَ الْمَخْصُوصَةَ.

[قَوْلُهُ: الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ] أَيْ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفَاتِحَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ {اهْدِنَا} [الفاتحة: ٦] إلَخْ، وَعَلَى غَيْرِ الْفَاتِحَةِ. [قَوْلُهُ: عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ] وَقِيلَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ مَعَ الرِّدْفِ وَقِيلَ عَظْمَانِ يَنْحَنِيَانِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقِيلَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا تَصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ. [قَوْلُهُ: مِمَّا عُلِمَ إلَخْ] أَيْ عِلْمًا مُشَابِهًا لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَإِلَّا فَهِيَ فِي أَصْلِهَا نَظَرِيَّةٌ. [قَوْلُهُ: فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ] أَيْ مِنْ بَابِ طَلَبِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَهُوَ عَبَثٌ وَأَمَّا تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ فَهُوَ مُحَالٌ. [قَوْلُهُ: فَجَاحِدُ وُجُوبِهَا] أَيْ أَوْ رُكُوعَهَا أَوْ سُجُودَهَا وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِفِعْلِهَا وَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهَا فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ مَا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَةً كَامِلَةً فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ. [قَوْلُهُ: مُرْتَدٌّ] وَصْفٌ مُخَصَّصٌ. [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ بَاقِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ] الَّتِي هِيَ الشَّهَادَتَانِ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ.

[قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ إلَخْ] هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَكْلِيفِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ.

[قَوْلُهُ وَالْبُلُوغُ] شَرْطُ وُجُوبٍ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ شُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِهَا وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَرْبَعَةٌ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَالِاسْتِقْبَالُ وَتَرْكُ الْكَثِيرِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ اثْنَانِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ الصَّعِيدِ وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ. [قَوْلُهُ: وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ] أَيْ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ الْقَرَافِيُّ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ سَبَبٌ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ أَيْ وَجَعَلَهُ الْحَطَّابُ هُوَ التَّحْقِيقُ لِصِدْقِ حَدِّ السَّبَبِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، نَعَمْ قَالَ الْقَرَافِيُّ الْعِلْمُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ شَرْطٌ، أَيْ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ اهـ.

لَفْظُ الْخَطَّابِ. [قَوْلُهُ: فِي السَّمَاءِ إلَخْ] أَيْ فِي جِهَةِ السَّمَاءِ الْعُلْيَا لِأَنَّهَا فُرِضَتْ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْمَعَارِيجِ.

[قَوْلُهُ: بِسَنَةٍ] اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْإِسْرَاءِ فَقِيلَ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ فِي رَجَبٍ وَقِيلَ فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ هَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي النَّوَادِرِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ فُرِضَتْ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ إلَخْ] هَذَا الْقَوْلُ لِلْجُمْهُورِ، أَيْ إلَّا الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ فَإِنَّ الْأُولَى فُرِضَتْ ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِأَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَلَى الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ» .

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَعْرِفَةُ أَسْمَائِهَا إلَخْ] قَالَ عج وَقَدْ: يُبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّ مَنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلًا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ عَلَى الصِّفَةِ الْخَاصَّةِ وَصَلَّاهَا وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهَا تُسَمَّى ظُهْرًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَةِ الْأَسْمَاءِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ التَّعْيِينِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>