للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (بَابٌ) فِي (بَيَانِ) حُكْمِ (الْأَذَانِ وَ) حُكْمِ (الْإِقَامَةِ) وَبَيَانِ صِفَتِهِمَا وَالْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ فَقَالَ: (وَالْأَذَانُ وَاجِبٌ) وُجُوبَ السُّنَنِ (فِي الْمَسَاجِدِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ جَامِعَةً أَوْ غَيْرَ جَامِعَةٍ.

(وَ) فِي أَمَاكِنِ (الْجَمَاعَاتِ الرَّاتِبَةِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِهَا، وَاحْتُرِزَ بِالْجَمَاعَاتِ عَنْ الْمُنْفَرِدِ وَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهِ وَبِالرَّاتِبَةِ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْغَيْرِ الرَّاتِبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْأَذَانُ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَدَلِيلُ مَا قَالَ: أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ وَمُوَاظَبَتُهُمْ عَلَيْهِ فِي زَمَنِهِ وَغَيْرِهِ، وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الْجَمَاعَاتِ فَقَالَ: (فَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) وَيُرْوَى فِي خَاصَّتِهِ (فَإِنْ أَذَّنَ فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَالْمَشْهُورُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ لِمَا صَحَّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:

ــ

[حاشية العدوي]

بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ [قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَذَانِ] أَيْ فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَذَانِ كُلًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ بَعْضًا كَقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي: زِدْت هَاهُنَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ إلَخْ. لَا خُصُوصُ السُّنَّةِ أَوْ النَّدْبِ بَلْ مَا هُوَ أَعَمُّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةٍ إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ. [قَوْلُهُ: وَالْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ] أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ. [قَوْلُهُ: الْإِعْلَامُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ] أَيْ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبَ السُّنَنِ] أَيْ فَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. [قَوْلُهُ: فِي الْمَسَاجِدِ] أَيْ وَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِ. [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ جَامِعَةً] أَيْ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ أَيْ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ تَتَقَارَبَ أَوْ لَا أَوْ كَانَ مَسْجِدًا فَوْقَ مَسْجِدٍ. [قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا] أَيْ أَوْ غَيْرِ مَسَاجِدَ أَيْ حَيْثُ يَطْلُبُونَ غَيْرَهُمْ بَلْ كُلُّ جَمَاعَةٍ تَطْلُبُ غَيْرَهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ رَاتِبَةً فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ الْأَذَانُ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَذَانُ] مُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ وُجُوبُ السُّنَنِ لَا حَقِيقَتُهُ، إذْ لَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَيْ بَلْ يُكْرَهُ الْأَذَانُ لِلْجَمَاعَةِ الْغَيْرِ الرَّاتِبَةِ فِي الْحَضَرِ أَيْ جَمَاعَةٍ فِي الْحَضَرِ لَا يَنْتَظِرُونَ غَيْرَهُمْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَيُنْدَبُ لَهَا بَلْ وَالْمُنْفَرِدُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذَانَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ سِوَى الْإِبَاحَةِ الْوُجُوبُ كِفَايَةً فِي الْمِصْرِ وَالسُّنَّةُ كِفَايَةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ تَطْلُبُ غَيْرَهَا وَلَوْ فِي السَّفَرِ. وَالِاسْتِحْبَابُ لِمَنْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا، وَحَرَامٌ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَكْرُوهٌ لِلسُّنَنِ وَلِلْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا يُكْرَهُ لِلْفَائِتَةِ وَفِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَلِفَرْضِ الْكِفَايَةِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابَلَةِ الِاسْتِحْبَابِ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إذَا أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ مَا قَالَ] أَيْ مِنْ كَوْنِهِ سُنَّةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: أَمْرُهُ إلَخْ] أَيْ وَهَذَا ضَابِطُ السُّنَّةِ. [قَوْلُهُ: وَمُوَاظَبَتُهُمْ] أَيْ مُوَاظَبَةُ أَهْلِ الدِّينِ. [قَوْلُهُ: وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ إلَخْ] هَذَا لَازِمٌ لِقَوْلِهِ: وَمُوَاظَبَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ أَيْ إظْهَارُ ذَلِكَ الْأَذَانِ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ، فَعَلَى هَذَا عَدَمُ الْإِظْهَارِ فِي جَمَاعَةٍ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْأَذَانِ مَثَلًا فِي بَيْتِهِ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْجِيرَانِ وَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ] وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: وَالْمُقِيمُ مِثْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>