أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ تَرْجِعُ بِأَرْفَعَ) أَيْ بِأَعْلَى (مِنْ صَوْتِك أَوَّلَ مَرَّةٍ فَتُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَتَقُولُ أَشْهَد أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ هَلُمُّوا بِمَعْنَى أَقْبِلُوا وَأَسْرِعُوا (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) أَيْ هَلُمُّوا إلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ بِالنَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ (فَإِنْ كُنْت فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ زِدْت هَاهُنَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِدَاءِ الصُّبْحِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَحَاصِلُهُ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ عَدَدَ كَلِمَاتِهِ فِي الصُّبْحِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَفِي غَيْرِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً مَجَازٌ عَبَّرُوا بِالْكَلِمَةِ عَنْ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً. فَائِدَةٌ
نَقَلَ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ أَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ ذَلِكَ وَقَبَّلَ بَاطِنَ أُنْمُلَةِ السَّبَّابَتَيْنِ وَمَسَحَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَعَلَ مِثْلَ خَلِيلِي فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي» .
قَالَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْخَضِرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرْحَبًا بِحَبِيبِي وَقُرَّةِ عَيْنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُقَبِّلُ إبْهَامَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يُرْجِعُ الْأُولَى قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ وَحِكْمَةُ طَلَبِهِ إمَّا لِتَدَبُّرِ مَعْنَى كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخَلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ لِمَا «قِيلَ إنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ شِدَّةِ بُغْضِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُ وَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ» .
[قَوْلُهُ: بِأَرْفَعَ إلَخْ] مُلَخَّصَةٌ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَدَّ الْإِمْكَانِ وَيَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ إسْمَاعَ النَّاسِ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا عِنْدَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ يُسَاوِي صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِسْمَاعِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْأَذَانُ وَالتَّرْجِيعُ سُنَّةٌ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ، وَيُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ سُنَّةً عَدَمُ بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِتَرْكِهِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ هَلُمُّوا] أَيْ فَحَيَّ اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَسْرِعُوا] مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ إسْرَاعًا بِلَا خَبَبٍ أَيْ هَرْوَلَةً فَإِنْ وُجِدَتْ بِحَيْثُ تُذْهِبُ الْوَقَارَ. وَالسَّكِينَةَ كُرِهَتْ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: أَيْ هَلُمُّوا إلَى الْفَلَاحِ] أَيْ إلَى سَبَبِ الْفَلَاحِ وَهُوَ الصَّلَاةُ، فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ تَأْكِيدٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.
[قَوْلُهُ: زِدْت هَاهُنَا] أَيْ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَلَوْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِزِدْت لِتَأَوُّلِهَا بِمُفْرَدٍ وَهُوَ هَذَا اللَّفْظُ، وَمَعْنَاهُ التَّيَقُّظُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الْحَاصِلَةِ بِالنَّوْمِ.
تَنْبِيهٌ
اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أُمِرَ بِهَا أَيْ بِالصَّلَاةِ خَيْرٌ إلَخْ.
فَقِيلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
[قَوْلُهُ: لَا تَقُلْ ذَلِكَ إلَخْ] قَالَ عج: اُنْظُرْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ اهـ.
[قَوْلُهُ: سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً] أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ الْأَصْحَابِ أَيْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ ثَمَانٍ إلَخْ] أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَهُوَ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ.
[قَوْلُهُ: قَالَ ذَلِكَ إلَخْ] ظَاهِرُهُ عَدَمُ تَكْرَارِ الْقَوْلِ وَالتَّقْبِيلِ وَالْمَسْحِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَسَتَسْمَعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: فَقَدْ حَلَّتْ إلَخْ] ضَمَّنَهُ مَعْنَى نَزَلَتْ أَوْ انْصَبَّتْ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ] أَيْ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ [قَوْلَهُ: مَرْحَبًا بِحَبِيبِي إلَخْ] مَرْحَبًا مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ نَزَلْت مَكَانًا رَحْبًا مُلْتَبِسًا بِحَبِيبِي أَيْ الَّذِي هُوَ أَنْتَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ.
[قَوْلُهُ: وَقُرَّةِ عَيْنِي] بِضَمِّ الْقَافِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقُرَّةُ الْعَيْنِ مَا قَرَّتْ بِهِ أَيْ الْأَمْرُ الْحَسَنُ الَّذِي تَتَبَرَّدُ بِهِ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَقَرَّتْ الْعَيْنُ قُرَّةً بِالضَّمِّ وَقَرْوًا بَرَدَتْ سُرُورًا.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَبِّلُ إلَخْ] لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ التَّقْبِيلِ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ إلَّا أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ