للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبْلَهُ.

فَقَالَ: (وَلَا يُؤَذَّنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَذَّنَ (لِصَلَاةٍ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَتَّى الْجُمُعَةِ (قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا الصُّبْحَ) أَيْ صَلَاةَ الصُّبْحِ (فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ) بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا فِي السُّدُسِ الْأَخِيرِ) وَهُوَ سَاعَتَانِ (مِنْ) آخِرِ (اللَّيْلِ) قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يُؤَذَّنُ لَهَا ثَانِيًا عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُؤَذَّنُ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت» ، الْبِسَاطِيُّ ضَبَطَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِالسُّدُسِ.

(وَالْأَذَانُ) أَيْ صِفَتُهُ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ) أَيْ أَتَحَقَّقُ (أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ) أَيْ أَتَحَقَّقُ (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ: الْإِعْلَامَ أَيْ الشَّأْنَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ الْقَصْدُ مِنْ أَذَانِهِ الْإِعْلَامَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ إعْلَامَ الْمُكَلَّفِينَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِأَجْلِ أَدَائِهِمْ الْفَرْضَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ.

[قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ] أَيْ يَحْرُمُ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى الْجُمُعَةِ] بَالَغَ عَلَى الْجُمُعَةِ رَدًّا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ: بِأَنَّ الْجُمُعَةَ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا تُصَلَّى إلَّا بَعْدَهُ.

[قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذَّنَ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا قَبْلَ السُّدُسِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الصُّبْحِ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَأْتِي وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَيَحْتَاجُونَ لِلتَّأَهُّبِ لَهَا، فَلَوْ فَعَلَ الْأَذَانَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَغَيْرِهَا لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ لَا يَتَبَادَرَ لَهَا فَتُوقَعُ بِغَيْرِ غَلَسٍ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ تُدْرِكُ النَّاسَ مُنْصَرِفِينَ فِي أَشْغَالِهِمْ فَلَا يَحْتَاجُونَ أَكْثَرَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِوُجُوبِهَا، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ يُسْتَحَبُّ إلَخْ نَشَأَ اعْتِرَاضُ الْفَاكِهَانِيِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا مُحَصَّلُهُ أَنْ لَا بَأْسَ فِيهَا تَمْرِيضٌ وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهَا إلَّا فِيمَا كَانَ الْأَحْسَنُ تَرْكَهُ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاعَتَانِ] أَيْ عِنْدَ اسْتِوَاءِ اللَّيْلِ وَعَدَمِهِ، غَيْرَ أَنَّ مُدَّةَ السَّاعَةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُؤَذَّنُ لَهَا ثَانِيًا] أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ، وَالثَّانِيَ سُنَّةٌ.

قَالَ عج: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ كَمَا فِي أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّانِي آكَدَ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: «حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» ] وَاسْمُهُ عَمْرٌو أَوْ عَبْدُ اللَّهِ، وَأُمُّ مَكْتُومٍ اسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدٍ الْمَخْزُومِيَّةُ، وَعَمِيَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ أَوْ وُلِدَ أَعْمَى فَكُنِيَتْ أُمُّهُ أُمَّ مَكْتُومٍ لِاكْتِتَامِ نُورِ بَصَرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُهُ: «لَا يُنَادِي» أَيْ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْت أَصْبَحْت بِالتَّكْرَارِ لِلتَّأْكِيدِ وَهِيَ تَامَّةٌ تَسْتَغْنِي بِمَرْفُوعِهَا، وَالْمَعْنَى قَارَبْت الصُّبْحَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ أَيْ آخِرَ عِدَّتِهِنَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ ظَاهِرَهُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِظُهُورِ الْفَجْرِ بَلْ التَّحْذِيرُ مِنْ طُلُوعِهِ وَالتَّحْضِيضُ لَهُ عَلَى النِّدَاءِ خِيفَةَ ظُهُورِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ الْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَذَانَهُ غَايَةً لِلْأَكْلِ، نَعَمْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ» ، فَإِنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِأَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ بِخِلَافِهِ وَأَيْضًا وَقَعَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي الصِّيَامِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَذَانَهُ جُعِلَ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَكَأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَنْ يُرَاعِي الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَكُونُ أَذَانُهُ مُقَارِنًا لِابْتِدَاءِ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ.

[قَوْلُهُ: ضَبَطَهُ] أَيْ ضَبَطَ وَقْتَ النِّدَاءِ بِاللَّيْلِ.

وَقَوْلُهُ: أَيْ صِفَتُهُ أَرَادَ بِالصِّفَةِ الْحَقِيقَةَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ.

[قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ] بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَكْبَرَ وَمَدِّ الْجَلَالَةِ مَدًّا طَبِيعِيًّا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِإِبْدَالِ هَمْزَةِ أَكْبَرَ وَاوًا كَمَا لَا يَبْطُلُ جَمْعُهُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَأَكْبَرُ بِمَعْنَى كَبِيرًا وَالْمُرَادُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ كَبِيرٍ.

[قَوْلُهُ: رَسُولُ اللَّهِ] قَالَ عج: بِرَفْعِ رَسُولُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، قَالَ بَعْضٌ: مَنْ نَصَبَهُ لَمْ يَشْهَدْ قَطُّ بِالرِّسَالَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِخَبَرِ أَنَّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَدَمَ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِنَصَبِ الْمَرْفُوعِ وَلَا بِرَفْعِ الْمَنْصُوبِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِاللَّحْنِ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَيْفَ بِالْأَذَانِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ] أَيْ بَعْدَ تَكْرِيرِ الشَّهَادَتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ التَّرْجِيعِ بِأَنْ يُعِيدَ لَفْظَهُمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّرْجِيعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>