للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّفْعِ سَوَاءٌ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْقَرَافِيُّ الْمَشْهُورِ أَنَّ مُنْتَهَى الرَّفْعِ إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَدُونَ ذَلِكَ إجْمَاعًا. وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ هَذَا الرَّفْعِ فَقَالَ الشَّيْخُ فِي بَابِ جُمَلٍ: هُوَ سُنَّةٌ. وَعَدَّهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فِي الْفَضَائِلِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الرَّفْعَ مُخْتَصٌّ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَرْفَعُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَلَا عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ، وَلَا فِي الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ.

(ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ تَفْرُغَ مِنْ التَّكْبِيرِ (تَقْرَأُ) أَيْ تُتْبِعُ التَّكْبِيرَ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ، فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ التَّسْبِيحَ وَالدُّعَاءَ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرَك (فَإِنْ كُنْت فِي) صَلَاةِ (الصُّبْحِ قَرَأْت جَهْرًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَمَّا قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَفَرْضٌ فِي الصُّبْحِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَهَلْ فِي كُلِّ الرَّكَعَاتِ أَوْ فِي جُلِّهَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ؟ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَمُسْتَحَبَّةٌ فِي حَقِّهِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ وَأَمَّا كَوْنُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا جَهْرًا فَسُنَّةٌ، وَإِذَا قَرَأْت فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ (فَلَا تَسْتَفْتِحُ) الْقِرَاءَةَ فِيهَا (بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مُطْلَقًا (لَا فِي أُمِّ الْقُرْآنِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَشْهُورِ.

[قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ] أَيْ هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقًا بِجَعْلِهِمَا دُونَ الْمَنْكِبَيْنِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُوَافِقُهُ قَالَهُ عج فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ بَلْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ. [قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَذَا] أَيْ قَوْلُ الْأَقْفَهْسِيِّ. [قَوْلُهُ: إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ] إلَى زَائِدَةٍ أَيْ مُنْتَهَى الرَّفْعِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ. [قَوْلُهُ: هُوَ سُنَّةٌ] ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: وَعَدَّهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ يَرْفَعُهُمَا عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَكَرَهُ عج. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ خُوَيْزٍ مَنْدَادٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يَرْفَعُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقْرَأُ إلَخْ] ثُمَّ لِلْعَطْفِ لَا لِلتَّرَاخِي. [قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ إلَخْ] هَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلِ شَارِحِنَا الْمَشْهُورِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِمَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَشْهُورًا عَنْهُ. [قَوْلُهُ: وَبِحَمْدِك] الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةً وَالْمُرَادُ بِالْحَمْدِ التَّوْفِيقُ وَالْإِعَانَةُ عَلَى التَّسْبِيحِ، وَالْمَعْنَى أُنَزِّهُك يَا اللَّهُ وَالْحَالُ أَنَّ تَنْزِيهِي لَك بِتَوْفِيقِك، وَقِيلَ: الْبَاءُ بِمَعْنَى الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَالْحَمْدُ لَك. [قَوْلُهُ: وَتَبَارَكَ اسْمُك] أَيْ تَعَاظَمَ مُسَمَّاك، فَالْمُرَادُ بِالِاسْمِ الْمُسَمَّى وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى حَقِيقَتِهِ. [قَوْلُهُ: وَتَعَالَى جَدُّك] الْجَدُّ الْعَظَمَةُ فَجَدُرَ بِنَا عَظَمَتُهُ، وَالْمَعْنَى تَعَالَيْت عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِعَظَمَتِك.

[قَوْلُهُ: فَفَرْضٌ فِي الصُّبْحِ إلَخْ] بَلْ وَكَذَلِكَ فَرْضٌ فِي النَّوَافِلِ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا. [قَوْلُهُ: قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ] وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا وُجُوبُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ ظَوَاهِرُ الْإِخْبَارِ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْأَكْثَرِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا فِي الْأَقَلِّ ضَعِيفٌ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْأَقَلِّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ الْأَقَلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقِيلَ هُوَ الْأَقَلُّ بِالْإِضَافَةِ وَمَعْنَى الْأَقَلِّ مُطْلَقًا الْعَفْوُ عَنْهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ صُبْحًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ ظُهْرًا لِمُسَافِرٍ، وَمَعْنَى الْأَقَلِّ بِالْإِضَافَةِ أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةُ مِنْ صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ لَا مِنْ ثُنَائِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. [قَوْلُهُ: فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ] أَيْ فِيمَا يَطْلُبُ الْإِسْرَارَ فِيهِ وَلَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَهْرٌ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا جَهْرًا] أَيْ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه. [قَوْلُهُ: فَسُنَّةٌ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَهْرَ جَمِيعَهُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَيْهِ حَلَّ الْمُوَافِقُ كَلَامَ خَلِيلٍ لَا أَنَّهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُنَّةٌ إلَّا أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ الْجَهْرِ فِي الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَسْجُدُ لِبَعْضٍ سُنَّةً، وَأُجِيبُ بِأَنَّ تَرْكَ الْبَعْضِ الَّذِي لَهُ بَالٌ كَتَرْكِ الْكُلِّ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السِّرِّ فِي مَحَلِّهِ. [قَوْلُهُ: فَلَا تَسْتَفْتِحُ] التَّاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>