للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فِي السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا) لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا (إمَامًا كُنْت أَوْ غَيْرَهُ) وَالنَّهْيُ فِي كَلَامِهِ لِلْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

وَشُهِرَ لِمَا صَحَّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَالْحَدَثَ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا أَبْغَضُ إلَيْهِ حَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ فَإِنِّي صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهَا فَلَا تَقُلْهَا إذَا أَنْتَ قَرَأْت. وَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا فِي النَّافِلَةِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ التَّعَوُّذُ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ (فَإِذَا قُلْت وَلَا الضَّالِّينَ فَقُلْ:) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (آمِينَ) بِالْمَدِّ مَعَ التَّخْفِيفِ عَلَى الْمَشْهُورِ اسْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَنُونُهُ مَضْمُومَةٌ عَلَى النِّدَاءِ تَقْدِيرُهُ يَا آمِينَ اسْتَجِبْ دُعَاءَنَا.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَفُتِحَتْ نُونُ آمِينَ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْيَاءِ قَبْلَهَا (إنْ كُنْت) تُصَلِّي (وَحْدَك) سَوَاءً كُنْت فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ أَوْ جَهْرِيَّةٍ (أَوْ) كُنْت تُصَلِّي (خَلْفَ إمَامٍ) صَلَاةً سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً إنْ سَمِعْته يَقُولُ: وَلَا الضَّالِّينَ.

(وَ) لَا تَجْهَرُ بِهَا بَلْ (تُخْفِيهَا) فِي الْحَالَتَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً (وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ فِيمَا جَهَرَ) أَيْ أَعْلَنَ (فِيهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ (وَيَقُولُهَا فِيمَا أَسَرَّ) أَيْ أَخْفَى (فِيهِ) اتِّفَاقًا.

وَقَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ إيَّاهَا فِي الْجَهْرِ اخْتِلَافٌ) تَكْرَارٌ، وَلَوْ قَالَ وَيَقُولُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَالسِّينُ: زَائِدَتَانِ لِلتَّأْكِيدِ لِلطَّلَبِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبٌ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَذْهَبٌ إلَخْ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِوُجُوبِهَا وَقَوْلٌ عَنْ مَالِكٍ بِإِبَاحَتِهَا وَقَوْلٌ عَنْ ابْنِ مَسْلَمَةَ بِنَدْبِهَا. [قَوْلُهُ: ابْنُ مُغَفَّلٍ] بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ. [قَوْلُهُ: إيَّاكَ وَالْحَدَثُ] أَيْ إيَّاكَ وَأَنْ تُحْدِثُ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ [قَوْلُهُ: قَالَ] أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ. [قَوْلُهُ: أَبْغَضُ إلَيْهِ] أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ الدَّالُّ عَلَى حُبٍّ أَوْ بُغْضٍ يَتَعَدَّى إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى بِإِلَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ فَيَكُونُ حَدَثًا حِينَئِذٍ مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ يَبْغُضُ حَدَثًا وَالتَّقْدِيرُ لَمْ أَرَ رَجُلًا مَوْصُوفًا بِأَشَدِّيَّةِ بُغْضِهِ لِلْحَدَثِ مِنْهُ أَيْ مِنْ أَبِي أَيْ بَلْ أَبِي أَشَدُّ الصَّحَابَةِ بُغْضًا لِلْحَدَثِ. [قَوْلُهُ: فَإِنِّي صَلَّيْت] مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَبِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَالْحَدَثَ، وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى مَا فِيهِ عج إذَا قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَقَطْ أَوْ النَّفْلِيَّةِ فَقَطْ أَوْ هُمَا مَعًا قَصَدَ الْخُرُوجَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ أَوْ لَا نِيَّةَ أَصْلًا وَلَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ، أَمَّا إنْ قَصَدَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةَ. [قَوْلُهُ: فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: ذَلِكَ وَاسِعٌ] وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِحَالٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ لُغَةً وَسُنَّةً وَمُقَابِلُهُ أَمْرَانِ الْقَصْرُ مَعَ تَخْفِيفِ الْمِيمِ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ وَالْمَدُّ مَعَ تَشْدِيدِ الْمِيمِ. [قَوْلُهُ: وَفُتِحَتْ نُونٌ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى كَلَامِهِ هُوَ اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ لِطَلَبِ الْإِجَابَةِ مَعْنَاهُ: اسْتَجِبْ وَآمِنَّا خَيْبَةَ دُعَائِنَا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهُ. [قَوْلُهُ: لِسُكُونِهَا] لَا يَخْفَى أَنَّ سُكُونَهَا وَسُكُونَ الْيَاءِ أَيْ اجْتِمَاعِ هَذَيْنِ السَّاكِنَيْنِ لَا يُوجِبُ الْفَتْحَ إنَّمَا يُوجِبُ التَّحْرِيكَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا عِلَّةُ الْفَتْحِ فَالْخِفَّةُ. [قَوْلُهُ: إنْ سَمِعْته يَقُولُ: وَلَا الضَّالِّينَ] وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ مَا قَبْلَهَا لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْ آخِرَهَا، وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهَا وَلَا يَتَحَرَّى. [قَوْلُهُ: وَلَا تَجْهَرُ بِهَا] أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. [قَوْلُهُ: بَلْ تُخْفِيهَا] أَيْ نَدْبًا. [قَوْلُهُ: فِي الْحَالَتَيْنِ] أَيْ كُنْت وَحْدَك أَوْ خَلْفَ الْإِمَامِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: اُنْظُرْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ انْتَهَى.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ يُؤَمِّنُ [قَوْلُهُ: وَيَقُولُهَا فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ إلَخْ] أَيْ اسْتِحْبَابًا [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ إلَخْ] تُوهِمُ التَّكْرَارَ بَعِيدٌ لِأَنَّ صَرِيحَهُ جَزْمُهُ أَوَّلًا بِقَوْلٍ ثُمَّ حِكَايَتُهُ الْقَوْلَيْنِ بُعْدٌ وَلَا يُتَوَهَّمُ التَّكْرَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الْمُتَوَهِّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>