للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ فِي السِّرِّ وَفِي الْجَهْرِ خِلَافٌ لَكَانَ أَوْجَزُ وَسَلِمَ التَّكْرَارُ، وَوَجْهُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ نَبَّهَ أَوَّلًا عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ، ثُمَّ نَبَّهَ ثَانِيًا عَلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقَابِلَ الْمَشُورِ لِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ (ثُمَّ) إذَا فَرَغْت مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ جَهْرًا (تَقْرَأُ) بَعْدَهَا (سُورَةً) كَذَلِكَ لَا تَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِدُعَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَحُكْمُ قِرَاءَةِ السُّورَةِ كَامِلَةً بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ الِاسْتِحْبَابُ وَالسُّنَّةُ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ دَائِرٌ مَعَ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَا السُّورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ سُورَةً أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لِلْعَمَلِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَتَيْنِ إذَا فَرَغَ وَالْإِمَامُ مُتَمَادٍ، وَالسُّورَةُ الَّتِي تَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ تَكُونُ (مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْحُجُرَاتِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُرْتَضَى، وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ وَطِوَالُهُ يَنْتَهِي إلَى عَبَسَ وَمُتَوَسِّطَاتِهِ مِنْ ثَمَّ إلَى وَالضُّحَى وَقِصَارُهُ إلَى الْخَتْمِ (وَإِنْ كَانَتْ) السُّورَةُ الَّتِي تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ (أَطْوَلُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ السُّورَةِ الَّتِي مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ (فَ) ذَلِكَ (حَسَنٌ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلتَّكْرَارِ نَظَرَ ثَانِيًا إلَى مُجَرَّدِ حِكَايَةِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّأْمِينِ لَا لِذِكْرِ الْخِلَافِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

[قَوْلُهُ: وَصَحِيحٌ إلَخْ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ] أَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْمُوَطَّأِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: آمِينَ» وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَالْمَشْهُورُ يُسْرُهَا وَذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ دَلِيلُ الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: كَذَلِكَ] أَيْ جَهْرًا. [قَوْلُهُ: وَحُكْمُ قِرَاءَةٍ إلَخْ] أَيْ وَتَرْكُ الْإِكْمَالِ مَكْرُوهٌ.

[قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ] أَيْ لَوْ آيَةً أَوْ بَعْضَ آيَةٍ لَهُ بَال كَآيَةِ الدَّيْنِ. [قَوْلُهُ: بِدَلِيلٍ إلَخْ] قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَسْجُدْ لِتَرْكِ التَّكْمِيلِ لِكَوْنِهِ سُنَّةً خَفِيفَةً [قَوْلُهُ: أَنَّ السُّجُودَ] أَيْ سُجُودَ السَّهْوِ أَيْ وَعَدَمَهُ إنَّمَا هُوَ دَائِرٌ مَعَ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ أَتَى بِالزَّائِدِ فَلَا سُجُودَ وَإِلَّا سَجَدَ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَا سُورَةَ.

[قَوْلُهُ: لَا يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ] أَيْ وَلَا سُورَةً وَبَعْضَ أُخْرَى، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَالسُّنَّةُ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَتَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِالثَّانِيَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَفْضَلُ قَدْ عَرَفْت مُقَابِلَهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقَابِلُ الْأَفْضَلِ خِلَافَ الْأَوْلَى.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَأْمُومُ بِلَا بَأْسٍ إلَخْ] بَلْ الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْ سُكُوتِهِ كَمَا ذَكَرُوا، وَلَوْ أَعَادَ الْمُصَلِّي الْفَاتِحَةَ بَدَلًا عَنْ السُّورَةِ فَلَا تُجْزِئُهُ، وَلْيَقُلْهَا بَعْدَهَا وَلَا يُكْرَهُ تَخْصِيصُ صَلَاتِهِ بِسُورَةٍ وَلَوْ كَرَّرَ سُورَةَ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ فَقِيلَ: مَكْرُوهٌ وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ تَحْصُلُ السُّنَّةُ. [قَوْلُهُ: الْمُفَصَّلُ] سُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي هُوَ الْبَيَانُ لِأَنَّهُ مُحْكَمٌ كُلُّهُ وَلَيْسَ فِيهِ مَنْسُوخٌ ذَكَرَهُ عج. [قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الطَّاءِ] جَمْعُ طَوِيلٍ كَقَصِيرٍ وَقِصَارٍ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ الطَّوِيلُ يُقَالُ فِيهِ طَوِيلٌ وَطِوَالٌ فَإِذَا أَفْرَطَ فِي الطُّولِ قِيلَ فِيهِ طُوَّالٌ مُشَدَّدًا، وَأَمَّا الطَّوَالُ بِالْفَتْحِ فَهُوَ الزَّمَنُ الطَّوِيلُ يُقَالُ: لَا أُكَلِّمُهُ طَوَالَ الدَّهْرِ وَطُولَ الدَّهْرِ أَيْ لَا أُكَلِّمُهُ أَبَدًا. [قَوْلُهُ: مِنْ الْحُجُرَاتِ] مِنْ زَائِدَةٍ [قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ الْمُرْتَضَى إلَخْ] وَمُقَابِلَةُ مَا قِيلَ أَنَّهُ مِنْ شُورَى، وَمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ الْجَاثِيَةِ وَقِيلَ مِنْ الْفَتْحِ وَقِيلَ مِنْ النَّجْمِ [قَوْلُهُ: يَنْتَهِي إلَى عَبَسَ] الْغَايَةُ خَارِجَةٌ [قَوْلُهُ: ثُمَّ] أَيْ مِنْ عَبَسَ إلَى وَالضُّحَى، وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْقِصَارِ سُوَرٌ لَا تَنْقُصُ عَنْ مُتَوَسِّطَاتِهِ. [قَوْلُهُ: إلَى الْخَتْمِ] أَيْ الَّذِي هُوَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [سُورَةُ النَّاسِ] وَالْغَايَةُ دَاخِلَةٌ، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ وَقِصَارُهُ مِنْ ثَمَّ أَيْ مِنْ الضُّحَى كَمَا قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّهُ جَعَلَ الَّذِي قَبْلَهُ دَلِيلًا عَلَيْهِ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ. [قَوْلُهُ: أَطْوَلُ مِنْ ذَلِكَ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: أَرَادَ مَا يُقَارِبُ طِوَالَ الْمُفَصَّلِ لَا أَنَّهُ يَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُمَا أَطْوَلُ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى مَعَهُ التَّغْلِيسُ فِي الْغَالِبِ فَعُلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ مَا يُقَارِبُ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ التَّطْوِيلُ فِي الصُّبْحِ لِإِدْرَاكِ النَّاسِ جَمَاعَتَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَهَذَا التَّطْوِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ إمَامٍ لِقَوْمٍ مَحْصُورِينَ يَرْضَوْنَ بِالتَّطْوِيلِ أَوْ مُنْفَرِدٌ يَقْوَى عَلَى التَّطْوِيلِ لَا إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>