للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَحَبٌّ (بِقَدْرِ التَّغْلِيسِ) وَهُوَ اخْتِلَاطُ الظُّلْمَةِ وَالضِّيَاءِ (وَتَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهَا) أَيْ السُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ كَمَا جَهَرْت بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ حُكْمَهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَصِفَةُ الْجَهْرِ تَأْتِي.

(فَإِذَا تَمَّتْ السُّورَةُ) الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ (كَبَّرَتْ فِي) حَالِ (انْحِطَاطِك) أَيْ انْحِنَائِك (إلَى الرُّكُوعِ) أُخِذَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا التَّكْبِيرُ وَهُوَ سُنَّةٌ، وَاخْتُلِفَ هَلْ جَمِيعُهُ مَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَصَوَّبَ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُمْ رَتَّبُوا السُّجُودَ فِي السَّهْوِ عَلَى تَرْكِ اثْنَتَيْنِ مِنْهُ وَلَمْ يُرَتِّبُوهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهَا. ثَانِيهَا: مُقَارَنَةُ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَهَكَذَا عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إلَّا فِي الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ.

ثَالِثُهَا: الرُّكُوعُ وَهُوَ فَرْضٌ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهَا وَلَهُ صِفَتَانِ صِفَةُ إجْزَاءٍ وَسَتَأْتِي وَصِفَةُ كَمَالٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (فَتُمَكِّنُ يَدَيْك) يَعْنِي كَفَّيْك (مِنْ رُكْبَتَيْك) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ إذَا كَانَتَا سَالِمَتَيْنِ: وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ وَضْعِهِمَا عَلَيْهِمَا مَانِعٌ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَلَوْ كَانَ بِيَدَيْهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ وَضْعِهِمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ قِصَرٍ كَثِيرٍ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِانْحِنَاءِ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ أَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا وَضْعُ الْبَاقِيَةِ عَلَى رُكْبَتِهَا، وَحَيْثُ قُلْنَا

ــ

[حاشية العدوي]

إمَامُ قَوْمٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ، فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِمْ عَدَمُ التَّطْوِيلِ.

[قَوْلُهُ: فَذَلِكَ حَسَنٌ] أَيْ مُسْتَحَبٌّ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا زَادَ عَلَى السُّورَةِ الَّتِي مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ الَّتِي مِنْ طِوَالِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ وَلَوْ بِآيَةٍ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: بِقَدْرِ التَّغْلِيسِ إلَخْ] أَيْ حَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْإِسْفَارُ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَهُ تت، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَغْلِيسٌ لَا يُطَوِّلُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ اخْتِلَاطٌ إلَخْ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ اخْتِلَاطُ الظُّلْمَةِ بِالضِّيَاءِ وَالضِّيَاءِ بِالظُّلْمَةِ. [قَوْلُهُ: وَتَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهَا] أَيْ يُسَنُّ أَنْ تَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّ حُكْمَهُمَا] أَيْ السُّورَةِ وَأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْجَهْرِ.

[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إلَخْ] حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً غَيْرَ تَكْبِيرِ الْعِيدِ سَهْوًا لَا يَسْجُدُ، وَإِنْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْثَرَ وَلَوْ جَمِيعَهُ يَسْجُدُ فَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ وَطَالَ فَيَفْتَرِقُ الْقَوْلَانِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تَبْطُلُ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِمَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: شَيْخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ] أَيْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ كَذَا قَالَ عج [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ رَتَّبُوا إلَخْ] أَيْ وَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُ سُنَّةً لَمَا رَتَّبُوا أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الْبَعْضِ أَنْ لَا يَسْجُدَ لَهُ [قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَتِّبُوهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ إلَخْ] كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ [قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا الرُّكُوعُ إلَخْ] هُوَ فِي اللُّغَةِ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ، وَشَرْعًا أَنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ لَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ كَانَتْ رَاحَتَاهُ قَرِيبَتَيْنِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَهَذَا مِنْ مُتَوَسِّطِ الْيَدَيْنِ لَا مِنْ طَوِيلِهِمَا وَلَا مِنْ قَصِيرِهِمَا.

قَالَ عج: وَالْوَاقِعُ فِي التَّقْدِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَرَفَ أَصَابِعِهِمَا عَلَى آخِرِ الرُّكْبَةِ مِنْ جِهَةِ الْفَخْذِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ اهـ. فَلَوْ سَدَلَهُمَا فِي حَالِ رُكُوعِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ.

[قَوْلُهُ: وَلَهُ صِفَتَانِ إلَخْ] التَّحْقِيقُ أَنَّ الصِّفَاتِ ثَلَاثٌ دُنْيَا وَهُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ قُرْبَ الرُّكْبَتَيْنِ، وَوُسْطَى وَهِيَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَمْكِينٍ، وَعُلْيَا وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ لَهَا وَهِيَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ مَعَ التَّمْكِينِ بَلْ الْمَرَاتِبُ أَرْبَعٌ بِزِيَادَةِ سَدْلِ الْيَدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: يَعْنِي كَفَّيْك] إشَارَةً لِلتَّحَرُّزِ فِي قَوْلِهِ: يَدَيْك. وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَتَا سَالِمَتَيْنِ أَيْ لَا مَقْطُوعَتَيْنِ. [قَوْلُهُ: وَقِصَرٌ كَثِيرٌ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَا يَمْنَعُ إلَخْ.

وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَتِهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُجَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا عَدَا الْقِصَرِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْوِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْوَاجِبُ مُطْلَقُ الِانْحِنَاءِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّفَةِ الْكَامِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الَّذِي عِنْدَهُ الْقِصَرُ [قَوْلُهُ: أَوْ قُطِعَتْ إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَانَ بِيَدَيْهِ وَهُوَ مُحْتَرِزٌ سَالِمَتَيْنِ فَفِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ.

[قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>