للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَقْتِ، وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْجَبْهَةُ سَالِمَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ بِهَا قُرُوحٌ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَوْمَأَ وَلَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ فَإِنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ وَيَصِحُّ (وَتُبَاشِرُ) فِي سُجُودِك (بِكَفَّيْك الْأَرْضَ) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ.

وَقَوْلُهُ: (بَاسِطًا يَدَيْك) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَتُبَاشِرُ بِكَفَّيْك الْأَرْضَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ الْبَسْطِ، وَإِنْ سَجَدَ وَهُوَ قَابِضٌ بِهِمَا شَيْئًا كُرِهَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (مُسْتَوِيَتَيْنِ لِلْقِبْلَةِ تَجْعَلُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ) أَمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ الضَّرُورِيُّ عَلَى مَا يَنْبَغِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَخَلِيلٍ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِي وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِي تَارِكِ السُّنَّةِ عَمْدًا فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ كَتَارِكِ السُّنَّةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِشْكَالَ لَا يَدْفَعُ الْأَنْقَالَ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مُغَايِرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ عج وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ بِهَا قُرُوحٌ] أَيْ جُرُوحٌ وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ بِجُرْحٍ وَاحِدٍ. [قَوْلُهُ: أَوْمَأَ وَلَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ] أَيْ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ إنَّمَا يُطْلَبُ تَبَعًا لِلسُّجُودِ عَلَى الْجَبْهَةِ فَحَيْثُ سَقَطَ فَرْضُهَا سَقَطَ تَابِعُهَا، فَإِنْ وَقَعَ وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى الْإِيمَاءِ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ أَوْ لَا، فَقِيلَ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقِيلَ مُوَافِقٌ لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِحَدٍّ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَوْ قَارَبَ الْمُومِئُ الْأَرْضَ لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا، فَزِيَادَةُ إمْسَاسٍ بِالْأَرْضِ لَا يُؤَثِّرُ مَعَ أَنَّ الْإِيمَاءَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفُ مَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ وَارْتَكَبَ الْمَشَقَّةَ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ اهـ.

أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ نَاظِرًا إلَى كَوْنِهِ مُومِيًا بِجَبْهَتِهِ إلَى الْأَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ، وَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ جَاعِلًا ذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ فَقَطْ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إلَى الْإِيمَاءِ بِالْجَبْهَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ خَالِي الذِّهْنِ عَنْ الْجَبْهَةِ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ تَتَضَمَّنُ نِيَّةَ أَجْزَائِهَا وَمِنْ أَجْزَائِهَا حِينَئِذٍ الْإِيمَاءُ بِالْجَبْهَةِ لِلْأَرْضِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ] مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ، أَيْ تُمَكِّنُ جَبْهَتَك وَأَنْفَك مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَجْعَلُ حَائِلًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ، فَإِنْ جَعَلَ حَائِلًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ، أَيْ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ إلَخْ، وَالْكَوْرِ فَتْحُ الْكَافِ مُجْتَمَعُ طَاقَاتِهَا عَلَى الْجَبِينِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.

[قَوْلُهُ: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ] أَيْ إذَا كَانَ قَدْرُ الطَّاقَةِ وَالطَّاقَتَيْنِ اللَّطِيفَتَيْنِ، وَمَثَّلُوا لِلطَّاقَةِ اللَّطِيفَةِ بِلُغَةِ الْمَغَارِبَةِ بِالشَّاشِ الرَّفِيعِ. [قَوْلُهُ: وَتُبَاشِرُ] أَيْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ كَالْوَجْهِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْمُبَاشَرَةَ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّوَاضُعِ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كُرِهَ السُّجُودُ عَلَى مَا فِيهِ تَرَفُّهٌ وَتَنَعُّمٌ مِنْ صُوفٍ وَقُطْنٍ وَاغْتُفِرَ الْحَصِيرُ لِأَنَّهُ كَالْأَرْضِ وَالْأَحْسَنُ تَرْكُهُ فَالسُّجُودُ عَلَيْهَا خِلَافُ الْأَوْلَى [قَوْلُهُ: يَدَيْك] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَدَيْنِ الْكَفَّانِ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ إلَخْ] وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَى الْقِبْلَةِ مُتَعَلِّقٌ بِبَاسِطٍ أَوْ مَعْنَى بَاسِطًا مَادًّا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُسْتَوِيَتَيْنِ حَالًا مُؤَكِّدَةً.

[قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ إلَخْ] أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ لِذَلِكَ بَلْ لِلتَّأْكِيدِ [قَوْلُهُ: لِيُرَتِّبَ إلَخْ] فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَتُبَاشِرُ بِكَفَّيْك الْأَرْضَ مُسْتَوِيَتَيْنِ. إلَخْ لَتَمَّ الْكَلَامُ وَكَانَ مُلْتَئِمًا بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِهِ بَاسِطًا يَدَيْك. [قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَتَيْنِ لِلْقِبْلَةِ] أَيْ نَدْبًا وَعَلَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُمَا يَسْجُدَانِ فَيَتَوَجَّهَانِ لَهَا.

تَنْبِيهٌ:

السُّجُودُ عَلَى الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ كَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ] أَشَارَ بِهِ لِعَدَمِ التَّحْدِيدِ فِي مَوْضِعِ وَضْعِهِمَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ نَعَمْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْمَنْكِبَيْنِ أَوْ الصَّدْرَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>