للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْعِلْمِ «لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -» ذَلِكَ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ لَمَّا بَدَنَ أَيْ ثَقُلَتْ حَرَكَةُ أَعْضَائِهِ الشَّرِيفَةِ لِارْتِفَاعِ سِنِّهِ» ، هَذَا الْجُلُوسُ إنْ وَقَعَ سَهْوًا وَلَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ طَالَ سَجَدَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا.

فَالْمَشْهُورُ إنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ (وَتُكَبِّرُ فِي) حَالِ (انْحِطَاطِك لِلسُّجُودِ) لِيَعْمُرَ الرُّكْنُ بِالتَّكْبِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُسْبَقُ بِهِ إلَى الْأَرْضِ وَالْمُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ إذَا هَوَى لِلسُّجُودِ وَتَأْخِيرُهُمَا عَنْ الرُّكْبَتَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ «لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ» ، وَبِهِ عَمِلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (وَ) إذَا سَجَدْت فَإِنَّك (تُمَكِّنُ جَبْهَتَك وَأَنْفَك مِنْ الْأَرْضِ) يَعْنِي بِلَفْظِ التَّمْكِينِ أَنَّهُ يَضَعُهُمَا عَلَى أَبْلَغَ مَا يُمْكِنُهُ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ.

وَأَمَّا الْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكْفِي وَضْعُ أَيْسَرَ مَا يُمْكِنُ مِنْ الْجَبْهَةِ، وَإِذَا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ فَلَا يَشُدُّهَا بِالْأَرْضِ جِدًّا حَتَّى يُؤْثِرَ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ مِنْ فِعْلِ الْجُهَّالِ وَضَعَفَةِ النِّسَاءِ، وَالسُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَاجِبٌ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَفِيهِ أَقْوَالٌ مَشْهُورُهَا إنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْفِهِ لَمْ يَجُزْهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى جَبْهَتِهِ أَجْزَأَهُ وَأَعَادَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

جَعَلَ سَاجِدًا مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، إذْ هُوَ الْمَصْدَرُ الْمُبَيِّنُ لِلتَّعْلِيلِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُنْتَظِرَةً. [قَوْلُهُ: فَيَكُونُ سُجُودُك مِنْ قِيَامٍ] تَفْرِيغٌ عَلَى التَّعْبِيرِ بِتَهْوِي أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَجْلِسْ إلَخْ تَأْكِيدًا، إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي هُوِيِّك يَقْتَضِي أَنَّ الْهُوِيَّ يُجَامِعُ الْجُلُوسَ فَلَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ بِهِ مُفِيدًا لِكَوْنِهِ سَجَدَ مِنْ قِيَامٍ.

[قَوْلُهُ: كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ] . أَفَادَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ مِنْهُمْ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ يَقُولُ إنَّ الْجُلُوسَ قَبْلَ السُّجُودِ بِوَجْهٍ خَفِيفٍ جِدًّا مِنْ سُنَّتِهِ.

[قَوْلُهُ: لَمَّا بَدُنَ] بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ فَيَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَاءِ الْعُذْرِ. [قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ نَقْلًا عَنْ زَرُّوقٍ وَإِنْ وَقَعَ عَمْدًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ] قَالَ عج فِي حَاشِيَتِهِ مَفْهُومُهُ إنْ طَالَ ضَرَّ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ يُعَدُّ الرَّائِي لَهُ أَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ الصَّلَاةِ اهـ.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ الطُّولَ قَدْرُ التَّشَهُّدِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ الْقَوْلُ بِالضَّرَرِ مُطْلَقًا.

[قَوْلُهُ: وَتُكَبِّرُ إلَخْ] أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ. [قَوْلُهُ: فِي حَالِ انْحِطَاطِك إلَخْ] يُفِيدُ أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ قَبْلَ وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لَيُعَمِّرَ الرُّكْنَ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ لَا قَبْلَهُ فَالتَّعْلِيلُ لَا يُطَابِقُ الْمُعَلِّلَ. [قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَجَدَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ وَلِشَرِيكٍ فِيهِ مَقَالٌ وَزَعَمَ بَعْضٌ أَنَّهُ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّك تُمَكِّنُ] أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. [قَوْلُهُ: جَبْهَتَك] وَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ [قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ] التَّعْبِيرُ بِيَعْنِي لَا مُوجِبَ لَهُ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلَّفْظِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَضَعَهُمَا عَلَى أَبْلَغ إلَخْ] أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْوَضْعِ وَارِدًا عَلَى أَقْوَى وَضْعٍ يُمْكِنُهُ فَهُوَ مِنْ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، أَيْ تَحَقُّقُ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا عَلَى جِهَةِ إلَخْ] أَيْ الْوَضْعُ عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ. [قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ] أَيْ مِنْ الْوَضْعِ وَقَوْلُهُ فَيَكْفِي فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَيَكْفِي فِيهِ.

[قَوْلُهُ: أَيْسَرُ] أَيْ أَقَلُّ جُزْءٍ يُمْكِنُ وَضْعُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجِهَةِ مِنْ بَيَانِيَّةٌ مَشُوبَةٌ بِتَبْعِيضٍ. [قَوْلُهُ: فَلَا يَشُدُّهَا إلَخْ] أَيْ لَا يُلْصِقُهَا بِالْأَرْضِ جِدًّا وَالْمَنْفِيُّ الْجِدِّيَّةُ وَأَصْلُ الشِّدِّيَّةِ لَيْسَ مَنْفِيًّا لِأَنَّهُ لِتَمْكِينِ الْمَطْلُوبِ. [قَوْلُهُ: فَلَا يَشُدُّهَا بِالْأَرْضِ] أَيْ فَلَا يُلْصِقُهَا بِالْأَرْضِ بِقُوَّةٍ وَشِدَّةٍ. [قَوْلُهُ: حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهَا ذَلِكَ] أَيْ الشَّدُّ جِدًّا وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْ الشَّدُّ جِدًّا مَكْرُوهٌ. [قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ الْجُهَّالِ] أَيْ الرِّجَالِ الْجُهَّالِ، أَيْ الَّذِينَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ وَقَوْلُهُ وَضَعَفَةِ النِّسَاءِ أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ النِّسَاءِ الضَّعْفُ وَلَوْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ.

[قَوْلُهُ: وَاجِبٌ إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. [قَوْلُهُ: مَشْهُورُهَا إلَخْ] ثَانِيهَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ فِيهِمَا ثَالِثُهَا رِوَايَةُ أَبِي الْفَرَجِ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِمَا. [قَوْلُهُ: وَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ] اعْتَمَدَ عج أَنَّهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>