للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَامًا أَوْ فَذًّا (ثُمَّ تَقُولُ) مَعَ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) أَيْ تَقَبَّلْ وَلَك الْحَمْدُ (إنْ كُنْت وَحْدَك أَوْ خَلْفَ إمَامٍ وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ) بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ سَمِعَ لِمَنْ حَمِدَهُ (وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَ) إنَّمَا (يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) .

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ» فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَلَك وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. الْبِسَاطِيُّ: وَإِلْحَاقُ الْفَذِّ بِالْإِمَامِ أَظْهَرُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْمَأْمُومِ (وَ) إذَا رَفَعْت رَأْسَك مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّك (تَسْتَوِي قَائِمًا مُطْمَئِنًّا) أُخِذَ مِنْهُ شَيْئَانِ الطُّمَأْنِينَةُ وَهِيَ فَرْضٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَالِاعْتِدَالُ وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ فِي سَائِرِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَفَرْضٌ عِنْدَ أَشْهَبَ وَصُحِّحَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاعْتِدَالَ مَثَلًا نَصْبُ الْقَامَةِ وَالطُّمَأْنِينَةَ اسْتِقْرَارُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا مَا.

وَقَوْلُهُ: (مُتَرَسِّلًا) مُرَادِفٌ لَمُطْمَئِنًّا وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُتَمَهِّلًا

(ثُمَّ) بَعْدَ رَفْعِك مِنْ الرُّكُوعِ (تَهْوِي) بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ أَيْ تَنْزِلُ إلَى الْأَرْضِ (سَاجِدًا) أَيْ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَيَكُونُ سُجُودُك مِنْ قِيَامٍ «لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ» وَالسُّجُودُ فَرْضٌ بِلَا خِلَافٍ (وَلَا تَجْلِسُ) فِي هُوِيَّك (ثُمَّ تَسْجُدُ) حَتَّى يَكُونَ سُجُودُك مِنْ جُلُوسٍ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ

ــ

[حاشية العدوي]

يَطْلُبُ الْفَضْلَ مِنْ رَبِّهِ فَهُوَ دَاعٍ مَعْنًى، وَذَكَرَ بَعْضٌ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ دُعَاءٌ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَقْدِيرُهُ اللَّهُمَّ اسْمَعْ لِمَنْ حَمِدَك وَعَبَّرَ بِالسَّمَاعِ عَنْ الْمُكَافَأَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ.

[قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ] أَيْ مَعَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. [قَوْلُهُ: رَبَّنَا] هُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ. [قَوْلُهُ: وَلَك الْحَمْدُ إلَخْ] اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْجَمْعَ بَيْنَ اللَّهُمَّ وَالْوَاوِ فِي وَلَك الْحَمْدُ اتِّبَاعًا لِمَنْ اخْتَارَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَهَا أَرْبَعُ جُمَلٍ فَاَللَّهُمَّ جُمْلَةٌ وَكَذَلِكَ رَبَّنَا، فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ. أَيْ يَا اللَّهَ يَا رَبَّنَا فَفِيهِ تَكْرِيرُ النِّدَاءِ وَجُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ وَهِيَ تَقَبَّلْ وَجُمْلَةُ وَلَك الْحَمْدُ. [قَوْلُهُ: أَيْ تَقَبَّلْ] أَيْ الدُّعَاءَ الْحَاصِلَ مِنِّي بِقَوْلِي سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، هَذَا فِي الْفَذِّ أَوْ الْحَاصِلِ مِنْ الْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ، أَيْ الْقَائِلُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مَأْمُومًا.

وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَعْنِي تَأْوِيلَ اللَّهِ بِاسْتَجَابَ وَأَنَّهَا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ فَوَجْهُهُ، أَنَّهَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ بِالِاسْتِجَابَةِ وَالْمُثْنِي عَلَى مَوْلَاهُ دَاعٍ. [قَوْلُهُ: وَلَك الْحَمْدُ] أَيْ عَلَى قَبُولِك أَوْ عَلَى تَوْفِيقِك لِي بِقَوْلِي اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَوْ تَوْفِيقُك بِأَدَائِي تِلْكَ الْعِبَادَةَ. [قَوْلُهُ: أَوْ خَلْفَ إمَامٍ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَسَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا الْوَجْهُ الصَّوَابُ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْفَذُّ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ بِمَنْزِلَةِ التَّأْمِينِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ] وَفِي رِوَايَةِ الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَمَعْنَى مُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَةِ فِي النِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصِ كَأَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلُ مِثْلُ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ وَحُضُورِ النِّيَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْغَفْلَةِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْحَدِيثِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ مَا يَقُولُهُ الْمَأْمُومُونَ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] أَيْ الصَّغَائِرِ وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ أَوْ عَفْوُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

[قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُ الْفَذِّ بِالْإِمَامِ] أَقُولُ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَذُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِهِمَا فَلَمْ يَكُنْ مُلْحَقًا بِالْإِمَامِ وَحْدَهُ. كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الشَّارِحِ.

تَنْبِيهٌ:

الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّكْبِيرِ مِنْ كَوْنِ جَمِيعِهِ سُنَّةً أَوْ كُلِّهِ يَأْتِي فِي سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. [قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَالُ إلَخْ] أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَسْتَوِي. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُتَمَهِّلًا] أَيْ زِيَادَةً عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا سُنَّةٌ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ التَّاءِ] أَيْ وَكَسْرِ الْوَاوِ فَهُوَ مِنْ بَابِ رَمَى كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ السُّجُودِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>