للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِك الْمُقَرَّبِينَ) .

وَفِي نُسْخَةٍ وَالْمُقَرَّبِينَ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْعَطْفِ (و) صَلِّ (عَلَى أَنْبِيَائِك الْمُرْسَلِينَ) وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

(وَ) صَلِّ (عَلَى أَهْلِ طَاعَتِك) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ (أَجْمَعِينَ) وَلَوْ كَانُوا عُصَاةً (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) الْمُؤْمِنِينَ (وَ) اغْفِرْ (لِأَئِمَّتِنَا) هُمْ الْعُلَمَاءُ (وَ) اغْفِرْ (لِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ (مَغْفِرَةً عَزْمًا) أَيْ عَاجِلَةً، وَقِيلَ: قَطْعًا وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقُولَ: إنْ شِئْت لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت» (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ كُلِّ خَيْرٍ سَأَلَك مِنْهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّك) هَذَا عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ إذْ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى مُخْتَصَّةٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا (وَأَعُوذُ) أَيْ أَتَحَصَّنُ (بِك) مِنْ كُلِّ شَرٍّ اسْتَعَاذَك مِنْهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا) مِنْ الذُّنُوبِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

(وَ) اغْفِرْ لَنَا (مَا أَخَّرْنَا) مِنْ الطَّاعَاتِ عَنْ أَوْقَاتِهَا.

(وَ) اغْفِرْ لَنَا (مَا

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ اهـ.

[قَوْلُهُ: عَلَى إبْرَاهِيمَ] تَنَازَعَتْهُ الْعَوَامِلُ الثَّلَاثَةُ وَلَفْظُ إبْرَاهِيمَ أَعْجَمِيٌّ مَعْنَاهُ أَبٌ رَحِيمٌ [قَوْلُهُ: حَمِيدٌ] بِمَعْنَى مَحْمُودٍ. [قَوْلُهُ: مَجِيدٌ] بِمَعْنَى كَرِيمٍ أَوْ شَرِيفٍ أَوْ وَاسِعِ الْكَرْمِ.

[قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ وَالْمُقَرَّبِينَ إلَخْ] أَيْ وَصَلِّ عَلَى عِبَادِك الْمُقَرَّبِينَ فَيَكُونُ شَامِلًا لِغَيْرِ الْمَلَائِكَةِ وَعَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا إسْقَاطُ الْوَاوِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ خَاصَّةً بِالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَعِزْرَائِيلَ تَشْرِيفًا لَهُمْ قَالَهُ: تت. [قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَيْضًا] أَيْ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانُوا عُصَاةً] أَيْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالطَّاعَةِ أَصْلَ الْإِيمَانِ.

[قَوْلُهُ: لِوَالِدَيْ] بِفَتْحِ الدَّالِ فَيَكُونُ مُثَنًّى وَيُحْتَمَلُ بِكَسْرِهَا فَيَكُونُ جَمْعًا قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَفِي كَلَامِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِمَّنْ أَرَادَ قَبُولَ دُعَائِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِوَالِدَيْهِ ثُمَّ بِمَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَبْدَأُ بِمُعَلِّمِيهِ قَبْلَ أَبَوَيْهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ تَسَبَّبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَى شَرَفِ الْوَالِدَيْنِ اهـ.

أَقُولُ وَيُقَوِّي الثَّانِيَ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ أَنَّ عَاقَّ الْمُعَلِّمِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِخِلَافِ عَاقِّ الْوَالِدَيْنِ. [قَوْلُهُ: هُمْ الْعُلَمَاءُ] قَالَ: تت لِدُخُولِ الْأُمَرَاءِ فِيهِمْ لِأَنَّ الْعِلْمَ شَرْطٌ فِي الْإِمَارَةِ. [قَوْلُهُ: وَهُمْ الصَّحَابَةُ] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ السَّابِقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَدْ عَمَّمَ تت.

قَالَ: وَهُوَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ قَبْلَهُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَأَمَّا عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِك.

[قَوْلُهُ: قَطْعًا] أَيْ مِنْ صِفَةِ الْمَغْفِرَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْك يَا رَبُّ أَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ بِهَا. [قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ إلَخْ] إنَّمَا يَأْتِي هَذَا أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ ذِكْرَ الدُّعَاءِ، وَيَقْطَعُ بِذَلِكَ أَيْ يَقْطَعُ الْمُصَلِّي بِذَلِكَ أَيْ لَا تَقُولُ: اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: إنْ شِئْت إلَخْ] أَيْ وَكَذَا لَا يَجُوزُ اغْفِرْ لِي إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَلَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدَّرْت غَيْرَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ إظْهَارِ الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ وَهَذَا اللَّفْظُ يُشْعِرُ بِغِنَى الْعَبْدِ عَنْ الرَّبِّ، وَطَلَبِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَإِنَّ مَا شَاءَ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ فَتَكُونُ مَعْصِيَةً كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ.

[قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك» إلَخْ] وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدُّعَاءُ بِهِ مَنْدُوبٌ لِأَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي الدُّعَاءِ وَسَبَبُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الدُّعَاءَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كَذَا وَكَذَا، وَأَخَذَ يُكْثِرُ مِنْ الْمَسَائِلِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «قُلْ اللَّهُمَّ» .

[قَوْلُهُ: هَذَا عَامٌّ إلَخْ] أَيْ فَتَكُونُ مِنْ صِلَةٍ أَوْ بَيَانًا لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ، أَسْأَلُك شَيْئًا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ سَأَلَك مِنْهُ إلَخْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: إذْ الشَّفَاعَةُ إلَخْ] أَيْ وَغَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَا اخْتَصَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

[قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ شَرٍّ] مِنْ لِلتَّعْدِيَةِ. [قَوْلُهُ: بَعْضُهَا] بَدَلٌ مِنْ الذُّنُوبِ بَدَلُ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى بَعْضٍ حَالٌ وَالتَّقْدِيرُ حَالُ كَوْنِ بَعْضِهَا كَائِنًا عَلَى بَعْضٍ، أَيْ مُتَرَادِفًا عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: وَمَا أَخَّرْنَا مِنْ الطَّاعَاتِ إلَخْ] مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الطَّاعَاتُ وَاجِبَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَالْمُرَادُ بِغُفْرَانِهَا عَدَمُ اللَّوْمِ فِيهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعِبَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>