للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْرَرْنَا) أَيْ أَخْفَيْنَا مِنْ الْمَعَاصِي عَنْ الْخَلْقِ (وَ) اغْفِرْ لَنَا (مَا أَعْلَنَّا) أَيْ أَظْهَرْنَا لِلْخَلْقِ مِنْ الْمَعَاصِي (وَ) اغْفِرْ لَنَا (مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا) أَيْ مَا وَقَعَ مِنَّا وَنَحْنُ جَاهِلُونَ بِحُكْمِهِ أَوْ وَقَعَ مِنَّا عَمْدًا وَنَسِينَاهُ (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) قِيلَ: هِيَ الْعِلْمُ.

وَقِيلَ: هِيَ الْمَالُ الْحَلَالُ، وَقِيلَ هِيَ الزَّوْجَةُ الْحَسَنَةُ، وَقِيلَ هِيَ الْعَافِيَةُ (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) وَهِيَ الْجَنَّةُ (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أَيْ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا وِقَايَةً، وَقِيلَ عَذَابُ النَّارِ الْمَرْأَةُ السُّوءُ فِي الدُّنْيَا (وَأَعُوذُ) أَيْ أَتَحَصَّنُ (بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا) وَهِيَ الْكُفْرُ وَقِيلَ الْعِصْيَانُ.

(وَ) أَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ (الْمَمَاتِ) وَهِيَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ التَّبْدِيلُ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَ) أَعُوذُ بِك (مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ) وَهِيَ عَدَمُ الثَّبَاتِ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ (وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهِيَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ وَالْأَرْزَاقُ تَتْبَعُهُ، فَمَنْ تَبِعَهُ كَفَرَ وَهُوَ يَسْلُكُ الدُّنْيَا كُلَّهَا إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَيَبْقَى فِي الدُّنْيَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَسُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُمَا: وَقِيلَ: لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ طَوَافِهِ فِيهَا فِي أَمَدٍ يَسِيرٍ وَوَصْفُهُ بِ (الدَّجَّالِ) لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

ــ

[حاشية العدوي]

وَاغْفِرْ لَنَا ذَنْبَ مَا أَخَّرْنَا إلَخْ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مَا وَقَعَ مِنَّا وَنَحْنُ جَاهِلُونَ بِحُكْمِهِ] أَيْ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ مِنَّا عَمْدًا] لِأَنَّ مَا وَقَعَ حَالَ النِّسْيَانِ لَا إثْمَ فِيهِ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» . [قَوْلُهُ: الزَّوْجَةُ الْحَسَنَةُ] هِيَ الَّتِي إذَا رَأَيْتهَا سَرَّتْك وَحَفِظَتْك فِي مَالِك وَنَفْسِهَا وَالزَّوْجَةُ السُّوءُ بِالْعَكْسِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ هِيَ الْعَافِيَةُ] وَهُوَ الْأَوْلَى قَالَ عج، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهَا الْعَافِيَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْعَافِيَةُ فِي الْآخِرَةِ وَلَوْ فُسِّرَتْ الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْحَسَنَةُ فِي الْآخِرَةِ بِخَيْرِهَا مَا بَعُدَ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ الْجَنَّةُ] وَقِيلَ الْمَغْفِرَةُ وَقِيلَ: الْعَافِيَةُ فِي الْآخِرَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا وِقَايَةً] كِنَايَةً عَنْ الْبُعْدِ مِنْهَا وَالْقُرْبِ مِنْ الْجَنَّةِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعِصْيَانُ] وَقِيلَ: الْمَالُ وَالْوَلَدُ وَالْأَحْسَنُ كُلُّ مَا يَشْغَلُ عَنْ اللَّهِ. [قَوْلُهُ: فِتْنَةَ الْمَحْيَا] وَالْمَحْيَا وَالْمَمَاتُ بِمَعْنَى الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى مُسْلِمٍ. [قَوْلُهُ: التَّبْدِيلُ عِنْدَ الْمَوْتِ] وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَعَدَ مَعَهُ شَيْطَانَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَاَلَّذِي عَنْ يَمِينِهِ عَلَى صِفَةِ أَبِيهِ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ، إنَّك لَتَعِزُّ عَلَيَّ وَإِنِّي عَلَيْك لَشَفِيقٌ وَلَكِنْ مُتْ عَلَى دِينِ النَّصَارَى فَهُوَ خَيْرُ الْأَدْيَانِ، وَاَلَّذِي عَنْ شِمَالِهِ عَلَى صِفَةِ أُمِّهِ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ مُتْ عَلَى دِينِ الْيَهُودِ فَهُوَ خَيْرُ الْأَدْيَانِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى قَبَضَ رُوحَهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ فَإِنَّهُمْ إذَا نَزَلُوا فَرَّ الشَّيْطَانُ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ عَدَمُ الثَّبَاتِ] أَيْ عَدَمُ رَدِّ الْجَوَابِ حِينَ يَسْأَلُهُ يَقُولُ الْمَلَكُ لَهُ: مَنْ رَبُّك وَمَا دِينُك، إلَخْ أَيْ فَلَا يُجِيبُ بِقَوْلِهِ رَبِّي اللَّهُ إلَخْ [قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ] وَمُقَابِلُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَجَعَلَهُ تت تَصْحِيفًا. [قَوْلُهُ: وَالْأَرْزَاقُ تَتْبَعُهُ] فَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أَنَّهُ يَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ وَالْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ وَأَنَّهُ يَزْرَعُ الزَّرْعَ وَيَحْصُدُهُ وَيُغَرْبِلُهُ وَيَطْحَنُهُ وَيَعْجِنُهُ وَيَخْبِزُهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَقُولُ: مَنْ أَطَاعَنِي أَكَلَ مِنْ رِزْقِي وَأَدْخَلْته جَنَّتِي وَمَنْ عَصَانِي أَدْخَلْتُهُ نَارِي» .

[قَوْلُهُ: إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ إلَخْ] وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّحَاوِيِّ فَلَا يَبْقَى مَوْضِعٌ إلَّا وَيَدْخُلُهُ غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ وَجَبَلَ الطُّورِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَطْرُدُهُ عَنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ. [قَوْلُهُ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا] رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَثْبُتُ الدَّجَّالُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ يَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ: لَا اقْدِرُوا لَهُ قَدْرَهُ» .

[قَوْلُهُ: لَا أَخْمَصَ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَمْسُوحُ الْقَدَمَيْنِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خَمِصَ الْقَدَمُ خُمُوصًا مِنْ بَابِ تَعِبَ ارْتَفَعَتْ عَنْ الْأَرْضِ فَلَمْ تَمَسَّهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي أَمَدٍ يَسِيرٍ إلَخْ] هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ] فَقَدْ قَالَ الْحَطَّابُ: قِيلَ: مِنْ دَجَلَ، أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ دَجَلَ إذَا سَتَرَ وَغَطَّى وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْحَقَّ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: وَالْفَرْقِ] بِالْجَرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>