للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسُمِّيَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَسِيحًا لِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِالْبَرَكَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَا مَسَحَ عَلَى ذِي عَاهَةٍ إلَّا وَبَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: لِسِيَاحَتِهِ فِي الْأَرْضِ فَعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَسِيحُ الْهُدَى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ الضَّلَالِ.

(وَ) أَعُوذُ بِك (مِنْ عَذَابِ النَّارِ) وَقَوْلُهُ (وَسُوءُ الْمَصِيرِ) قِيلَ: إنْ أَرَادَ بِهِ سُوءَ الْخَاتِمَةِ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَالْمَمَاتِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ سُوءَ الْمُنْقَلَبِ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَإِذَا فَرَغْت مِنْ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَلَا تُسَلِّمُ تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ حَتَّى تَقُولَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى مَا قَالَ ع وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) .

وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. الْقَرَافِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ التَّسْلِيمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَعَا.

وَعَنْ مَالِكٍ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْك إلَخْ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ تُسَلِّمُ تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ فَ (تَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) وَهَذَا السَّلَامُ فَرْضٌ بِلَا خِلَافٍ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إمَامٍ وَفَذٍّ وَمَأْمُومٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِهِ، وَيَتَعَيَّنُ لَهُ اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ.

وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ أَمْ لَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا بَطَلَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِالْبَرَكَةِ] فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فَكَأَنَّ الْبَرَكَةَ شَيْءٌ حِسِّيٌّ كَالدُّهْنِ وَمَسْحُ جَسَدِهِ الشَّرِيفِ بِهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ مَشْمُولٌ بِالْبَرَكَةِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ إلَخْ] فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِسِيَاحَتِهِ] فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى: فَاعِلٍ فَكَانَ شَأْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [قَوْلُهُ: مَسِيحُ الْهُدَى] أَيْ الْمَسِيحُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ لِلْهُدَى لِكَوْنِهِ مُتَّبَعًا [قَوْلُهُ: مَسِيحُ الضَّلَالِ] أَيْ الْمَسِيحُ الْمَنْسُوبُ لِلضَّلَالِ لِكَوْنِهِ مُتَّبِعًا لَهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: قِيلَ إنْ أَرَادَ بِهِ سُوءَ الْخَاتِمَةِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَصِيرَ مَعْنَاهُ الْمَرْجِعُ، أَيْ الرُّجُوعُ إلَى اللَّهِ بِالْمَوْتِ فَالْخَاتِمَةُ لَازِمَةٌ لَهُ فَتَفْسِيرُهُ، أَيْ سُوءُ الْمَصِيرِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ بِهِ سُوءَ الْمُنْقَلَبِ] بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ سُوءَ الِانْقِلَابِ، أَيْ التَّحْوِيلَ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى فَهُوَ تَكْرَارٌ. إلَخْ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ تَفْسِيرَ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ أَنْسَبُ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِعَذَابِ النَّارِ لِأَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى مَوْجُودٌ فِي الْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ قَالَ بَعْضٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ، أَيْ عَنْ بَحْثِ الشَّارِحِ بِأَنَّ مِنْ بَابِ التَّوْكِيدِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ] أَيْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ لَا يَقُولُ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] أَيْ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْمَأْمُومِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ حَيْثُ قَالَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إلَى آخِرِ مَا فِي شَارِحِنَا، أَفَادَ ذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ضَعِيفَةٌ وَمَعَ ضَعْفِهَا هِيَ خَاصَّةٌ بِالْمَأْمُومِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَنْ مَالِكٍ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ الْمَشْهُورِ وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ خَاصٌّ بِالْمَأْمُومِ كَمَا هُوَ صَرِيحَةً. [قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ لَهُ اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ] أَيْ بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّرْتِيبِ وَصِفَةُ الْجَمْعِ فَلَوْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ أَسْقَطَ أَلْ لَمْ يُجْزِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ، أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالتَّنْوِينِ فِي السَّلَامِ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ.

[قَوْلُهُ: قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ] الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَأَقَرَّهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا، لَكِنْ يُنْدَبُ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَيْهِ نَعَمْ مَنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ جُمْلَةً خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِنِيَّتِهِ، وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ حَيْثُ كَانَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَهُ مَعْنًى، فَلَوْ سَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ عَجْزًا عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فَيَظْهَرُ لَنَا عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ] وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الِاشْتِرَاطِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ إمَامًا يَقْصِدُ بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ، وَيَقْصِدُ زِيَادَةً عَلَيْهِ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ السَّلَامُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَأْمُومِ يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ نَدْبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>