للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخَالِفُ وَضْعَ الْيُمْنَى وَسَيَأْتِي.

وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْيُمْنَى فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيَقْبِضُ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى وَيَبْسُطُ) أَيْ يَمُدُّ (السَّبَّابَةَ) وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَتَسَابُّونَ بِهَا، وَتُسَمَّى أَيْضًا الدَّاعِيَةَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالْمُسَبِّحَةَ لِأَنَّهُ يُسَبَّحُ بِهَا وَمِذَبَّةً لِلشَّيْطَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَمُدُّ الْإِبْهَامَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الطِّرَازِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَبْضُ الْيُمْنَى إلَّا الْمُسَبِّحَةَ فَيَبْسُطُهَا دَلِيلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ يَمُدُّهُ مَعَ السَّبَّابَةِ بَهْرَامُ: وَيَجْعَلُهُ تَحْتَ السَّبَّابَةِ وَدَلِيلُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ كَالْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْقَبْضَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِجُلُوسِ التَّشَهُّدِ، وَأَمَّا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَضَعُهُمَا مَبْسُوطَتَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْجُلُوسَيْنِ. ق: وَمَا قَالَاهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ مَنْصُوصًا وَالثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (يُشِيرُ بِهَا) أَيْ السَّبَّابَةِ الْإِشَارَةَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْبَسْطِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمَدُّ، وَالْإِشَارَةُ النَّصْبُ حَتَّى كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَطْعَنَ شَخْصًا أَمَامَهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ أَنْ يَبْسُطَ وَلَا يُشِيرَ وَبِقَوْلِهِ:

ــ

[حاشية العدوي]

إلَخْ] مَرْدُودٌ إذْ لَا يُنْدَبُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، بَلْ يُنْدَبُ وَضْعُهُمَا بِقُرْبِهِمَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَكَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ عَلَى فَخْذَيْهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ.

[قَوْلُهُ: كَانُوا يَتَسَابُّونَ بِهَا] أَيْ يُشِيرُونَ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الدُّعَاءِ] أَيْ دُعَاءِ الْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي طَلَبِ حَاجَةٍ مَعَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ فَإِنْ قُلْت: مِنْ أَيْنَ لَك ذَلِكَ، قُلْت: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ تَآلِيفِهِ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ كَشْفُ الْيَدَيْنِ.

وَقَالَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ فِيهِ بِإِصْبَعَيْنِ وَإِنَّمَا يُشِيرُ بِسَبَّابَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى، اهـ لَفْظُهُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَبَّحُ بِهَا] أَيْ عِنْدَ الشَّهَادَتَيْنِ كَذَا قَالَ عج، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّسْبِيحِ أَيْ التَّنْزِيهِ عَنْ الشَّرِيكِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ فِي كَبِيرِهِ سُمِّيَتْ سَبَّابَةً لِإِشَارَةِ الْعَرَبِ بِهَا لِلسَّبِّ وَمُسَبِّحَةً لِلْإِشَارَةِ بِهَا لِلتَّوْحِيدِ. [قَوْلُهُ: وَمُذِبَّةً لِلشَّيْطَانِ] فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ مُذِبَّةٌ لِلشَّيْطَانِ لَا يَسْهُو أَحَدُكُمْ مَا دَامَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ اهـ. وَمُذِبَّةٌ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةٍ آخِرُهُ تَاءٌ، أَيْ مُطْرِدَةٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. [قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُمَدُّ الْإِبْهَامُ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَإِذَا قُلْنَا: يَقْبِضُ الْإِبْهَامَ فَقِيلَ: يَجْعَلُ طَرَفَهَا عَلَى الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى مِنْ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى وَقِيلَ: يَجْعَلُهُ دُونَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَعَلَى هَذَا يَعْطِفُهُ جِدًّا اهـ.

[قَوْلُهُ: دَلِيلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ إلَخْ] وَنَصُّ الْمُوَطَّأِ «كَانَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُمْنَى وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ» اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ وَأَنَّ الْإِبْهَامَ مَمْدُودَةٌ كَالسَّبَّابَةِ فَلَا تُخَالِفُ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ وَنَصُّهُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَعَدَ يَدْعُو وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُمْنَى وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُسْرَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةَ، وَوَضَعَ إبْهَامَهُ عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى» اهـ. فَقَوْلُهُ وَدَلِيلُهُ، أَيْ دَلِيلُ كَوْنِهِ يُمِدُّهُ مَعَ السَّبَّابَةِ [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ بِتَمَامِهَا مُسْتَحَبَّةٌ فَإِنَّهُ قَالَ وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ بِتَشَهُّدَيْهِ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ [قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُهُ تَحْتَ السَّبَّابَةِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى هَيْئَةِ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ فَيَكُونُ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ وَالْوُسْطَى أَطْرَافَهُنَّ عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ وَيَبْسُطُ الْمُسَبِّحَةَ وَيَجْعَلُ جَنْبَهَا إلَى السَّمَاءِ وَيُمِدُّ الْإِبْهَامَ بِجَنْبِهَا عَلَى الْوُسْطَى فَقَبْضُ الثَّلَاثَةِ وَوَضْعُ أَطْرَافِهِنَّ عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ هُوَ قَبْضُ تِسْعَةٍ وَمَدُّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ هُوَ الْعِشْرُونَ. [قَوْلُهُ: عَامٌّ فِي الْجُلُوسَيْنِ] أَيْ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ الَّذِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ عج. [قَوْلُهُ: صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْبَسْطِ] فَالْبَسْطُ الْمَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>