للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيُسْرَى بِقَوْلِهِ: (وَيَبْسُطُ) أَيْ يَمُدُّ (يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخْذِهِ الْأَيْسَرِ وَلَا يُحَرِّكُهَا) أَيْ السَّبَّابَةَ (وَلَا يُشِيرُ بِهَا) . ج: بَسْطُ الْيَدِ الْيُسْرَى مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مَدُّهَا، وَهَلْ التَّحْرِيكُ مُرَادِفٌ لِلْإِشَارَةِ أَوْ مُغَايِرٌ؟ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ الْمُغَايِرَةُ لِعَطْفِهِ الْإِشَارَةَ عَلَى التَّحْرِيكِ.

(وَيُسْتَحَبُّ الذِّكْرُ بِأَثَرِ الصَّلَوَاتِ) الْمَفْرُوضَاتِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِنَافِلَةٍ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَنَّ «رَجُلًا صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَقَامَ يَتَنَفَّلُ فَجَذَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَجْلَسَهُ، وَقَالَ لَهُ: لَا تُصَلِّ النَّافِلَةَ بِأَثَرِ الْفَرِيضَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَصَبْت يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ اللَّهُ بِك» وَالذِّكْرُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا أَنَّهُ (يُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَسْبِيحَةً.

(وَيَحْمَدُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَحْمِيدَةً (وَيُكَبِّرُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَكْبِيرَةً (وَيَخْتِمُ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ع: هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ بِتَرْكِ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ. وَيُرْوَى هُنَا لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ انْتَهَى. وَقَدَّمَ التَّحْمِيدَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكَسَ فِي بَابِ السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ كَذَلِكَ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِثْلُ مَا هُنَا، وَفِي الْمُوَطَّأِ مِثْلُ مَا فِي بَابِ السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً مَجْمُوعَةً لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاوِ لَا بِثُمَّ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ أَنْ يَقُولَهَا مُفَرَّقَةً فَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ كَذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَيَخْتِمُ ذَلِكَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ (وَيُسْتَحَبُّ بِإِثْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ

ــ

[حاشية العدوي]

صَلَّى رَكْعَةً يَنْزِعُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي أُخْرَى. [قَوْلُهُ: أَيْ السَّبَّابَةَ] الْأَوْلَى عِبَارَةُ تت حَيْثُ قَالَ، أَيْ سَبَّابَتَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ ضَمِيرَ يُحَرِّكُهَا إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْيُسْرَى لِأَنَّهَا الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُشِيرُ بِهَا] وَلَوْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ مُغَايِرٌ إلَخْ] الظَّاهِرُ الْمُغَايَرَةُ.

[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِأَثَرِ الصَّلَوَاتِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَثَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ وَالذِّكْرِ بِفَاصِلٍ، فَلَوْ حَصَلَ فَاصِلٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَ النِّسْيَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطَّرِيقَةُ الْمَشْرُوعَةُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ إلَّا أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ، أَيْ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ تَسْبِيحٍ مُطْلَقٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ، كَذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهُ لَا لِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَخَّرَهُ لِسَبَبِ الْإِتْيَانِ بِمَا شَرَعَ أَيْضًا عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ ثَلَاثًا. وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي تَأْخِيرِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ إلَخْ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مَشْرُوعٍ كَحَاجَةِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا شُرِعَ مِنْ الْأَذْكَارِ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: أَصَابَ اللَّهُ بِك] أَيْ أَوْقَعَ اللَّهُ الصَّوَابَ مُلْتَبِسًا بِك أَيْ عَلَى يَدَيْك. [قَوْلُهُ: مِنْهَا إلَخْ] أَيْ وَمِنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: يُسَبِّحُ اللَّهَ] أَيْ بِمَدِّ الْجَلَالَةِ مَدًّا طَبِيعِيًّا. [قَوْلُهُ: لَهُ الْمُلْكُ] أَيْ اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ] أَيْ مُشِيءٌ وَلَا يَكُونُ إلَّا مُمَكَّنًا فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ هَذَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. [قَوْلُهُ: وَيُرْوَى] هَذَا مُقَابِلَ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ. [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ] أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ [قَوْلُهُ: وَفِي الْمُوَطَّأِ إلَخْ] وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبْرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَخْتِمُ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» . [قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ إلَخْ] قَالَ الشَّيْخُ وَأَقُولُ فَيُسْتَفَادُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ تت، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الثَّلَاثَةَ جُمْلَةً أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ. [قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْأَحْوَطُ الْجَمْعُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>