التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ) .
ع: يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الذِّكْرَ خِلَافُ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي بِالذِّكْرِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُ الذِّكْرِ مَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ إلَخْ (إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبَ طُلُوعِهَا) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ تَامَّةً تَامَّةً» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَعَلَى هَذَا مَضَى عَمَلُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، كَانُوا يُثَابِرُونَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالذِّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا.
وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ (وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) قَدْ أُخِذَ مِنْهُ بَيَانُ وَقْتِهَا فَلَا تُجْزِئُ إذَا رَكَعَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ بِالْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ شُرِعَتْ تَابِعَةً لِفَرِيضَةِ الْفَجْرِ، فَتَعَلَّقَتْ بِوَقْتِ الْمَتْبُوعِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ حُكْمُهَا، وَقَدْ حُكِيَ فِيهَا فِي بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ قَوْلَيْنِ: الرَّغِيبَةُ وَالسُّنِّيَّةُ، وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْحَاجِبِ.
الثَّانِي: وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لِيَمْتَازَا عَنْ النَّوَافِلِ، فَإِنْ صَلَّاهُمَا بِغَيْرِ نِيَّةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَمْ تَجْزِيَاهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ (يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْهُمَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (بِأُمِّ الْقُرْآنِ) فَقَطْ (يُسِرُّهَا) لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -
ــ
[حاشية العدوي]
الرِّوَايَاتِ يُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيَحْمَدُ كَذَلِكَ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَيَخْتِمُ بِقَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اهـ.
[قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ] قَالَ ابْنُ نَاجِي وَيَظْهَرُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَهُ هَذَا الشَّرَفُ لِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَذْكَارِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَرَأَى بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَالِاسْتِغْفَارِ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَوْلَى أَوْ الِاسْتِغْفَارُ؟ التَّادَلِيُّ وَبِالْأَوَّلِ كَانَ يُفْتِي بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ لِقِلَّةِ الْحَامِلِينَ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ لِخَبَرِ، «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» . [قَوْلُهُ: إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْغَايَةَ بِإِلَى خَارِجَةٌ وَتَعْبِيرَ الْحَدِيثِ بِحَتَّى يُفِيدَ الدُّخُولَ فَتَكُونُ إلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى حَتَّى، أَيْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ. [قَوْلُهُ: الْفَجْرِ] أَيْ الصُّبْحِ. [قَوْلُهُ: فِي جَمَاعَةٍ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي بَيْتِهِ. [قَوْلُهُ: حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ قَاصِرٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَحْتَاجُ قَوْلُهُ أَوْ قُرْبُ طُلُوعِهَا لِدَلِيلٍ كَمَا لَا يَخْفَى. [قَوْلُهُ: ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ] أَيْ رَكْعَتَيْ الضُّحَى. [قَوْلُهُ: تَامَّةً تَامَّةً] كَذَا فِي النُّسَخِ تَامَّةً تَامَّةً مَرَّتَيْنِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي التِّرْمِذِيِّ ذِكْرَ تَامَّةٍ ثَلَاثًا، وَكَذَا فِي تت وَالْقَصْدُ التَّأْكِيدُ وَحَذْفُ هَذَا الْوَصْفِ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ حُجَّةٌ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. [قَوْلُهُ: يُثَابِرُونَ] أَيْ يُدَاوِمُونَ. [قَوْلُهُ: مُسْتَغْنًى عَنْهُ] اعْلَمْ أَنَّ فِي تت الْجَوَابَ وَنَصُّهُ وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى خِلَافِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَيُسْتَحَبُّ. فَائِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيُكْرَهُ النَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالْكَلَامُ أَحْرَى وَعِلَّةُ ذَلِكَ الشَّرَفُ وَهَذَا لِمَنْ لَمْ يَقُمْ اللَّيْلَ وَأَمَّا مَنْ سَهِرَ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ اهـ.
[قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ إذَا رَكَعَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ] أَيْ تَحْقِيقًا تَحَرَّى أَمْ لَا وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا تَحَرَّى وَأَوْقَعَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَهَا بَعْدُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا إعَادَةَ وَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا قَبْلُ فَيُعِيدُهَا، وَإِنْ أَحْرَمَ مَعَ الشَّكِّ بِدُونِ تَحَرٍّ فَلَا تُجْزِي وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِهِ. [قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَفَاوُتُ الصَّوَابِ فَإِنَّ ثَوَابَ السُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ الرَّغِيبَةِ وَالنَّافِلَةِ. [قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ] الِاسْتِحْبَابُ مُنْصَبٌّ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ. [قَوْلُهُ: يُسِرُّهَا] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: شَيْخُنَا وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute