للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُ حَتَّى أَقُولَ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟» وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] » . شَيْخُنَا: وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ دَلِيلِ الْمَشْهُورِ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ نَصٌّ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ.

وَالنَّصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَصَلَاتُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَلَمْ يَكُنْ رَكَعَهُمَا فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ تَرَكَهُمَا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ فَإِنَّ وَقْتَهُمَا مُمْتَدٌّ إلَى الزَّوَالِ، وَلَا يُقْضَى شَيْءٌ مِنْ النَّوَافِلِ غَيْرَهُمَا، وَإِذَا نَامَ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ صَلَّاهُمَا بَعْدُ وَمَنْ نَسِيَهُمَا حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ أَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا يَرْكَعُهُمَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَرْكَعْهُمَا أَحْرَمَ وَجَلَسَ حَتَّى يُسَلِّمَ، وَيَبْنِيَ عَلَى إحْرَامِهِ ثُمَّ يَرْكَعَهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ صِفَةَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَالَ: (وَالْقِرَاءَةُ فِي الظُّهْرِ بِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ مِنْ الطِّوَالِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ قَلِيلًا) قَاعِدَةُ الشَّيْخِ عَلَى مَا قَالَهُ ج: أَنَّهُ إذَا أَتَى بِأَوْفَى كَلَامِهِ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قِيلَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ فِي الظُّهْرِ بِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ مِنْ الطِّوَالِ فِي قَوْلٍ وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَدُونَ ذَلِكَ فِي قَوْلٍ وَهُوَ لِمَالِكٍ وَيَحْيَى.

(وَلَا يَجْهَرُ فِيهَا) أَيْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ (بِشَيْءٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ) لَا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا بِمَا زَادَ عَلَيْهَا (وَ) إنَّمَا (يَقْرَأُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سِرًّا وَ) يَقْرَأُ (فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا سِرًّا) وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْهَرُ (وَيَتَشَهَّدُ فِي الْجِلْسَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَمِمَّا يَزِيدُهُ إلَخْ مَحَلُّهَا التَّشَهُّدُ الثَّانِي فِيمَا فِيهِ تَشَهُّدَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَظْهَرُ إلَخْ] قَالَ الشَّيْخُ: وَأَقُولُ يَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْإِسْرَاعُ بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَصَلَاتُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ] وَأَمَّا فِي الْبَيْتِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ [قَوْلُهُ: وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ فَوَجَدَ الصَّلَاةَ قَدْ أُقِيمَتْ فَإِنَّهُ يَرْكَعُهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ رِحَابِهِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ذَكَرَهُ تت. [قَوْلُهُ: تَرَكَهُمَا وَدَخَلَ] أَيْ وَلَا يَفْعَلُهُمَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطَوِّلُ بِحَيْثُ يُحْرِمُ مَعَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ لِفِعْلِهِمَا بِخِلَافِ الْوَتْرِ تُقَامُ صَلَاةُ الصُّبْحِ عَلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِيَرْكَعَهَا حَيْثُ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ، وَمِثْلُ الْمَأْمُومِ الْإِمَامُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ عَلَيْهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِالصُّبْحِ وَلَا يَسْكُتُ الْمُؤَذِّنُ بِخِلَافِ الْوَتْرِ فَإِنَّهُ يَسْكُتُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَفْعَلَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَجْرَ يَقْضِي بَعْدَ الصُّبْحِ بِخِلَافِ الْوَتْرِ.

[قَوْلُهُ: فِي قَوْلٍ وَهُوَ لِأَشْهَبَ] يَعْنِي أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقِرَاءَةِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ لِمَالِكٍ] أَيْ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِي الظُّهْرِ دُونَ الْمَقْرُوءِ فِي الصُّبْحِ قَلِيلًا أَيْ قَرِيبًا مِنْهُ.

وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَإِذَا قَرَأَتْ مَثَلًا بِالْفَتْحِ فِي الصُّبْحِ تَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ بِنَحْوِ الْجُمُعَةِ أَوْ الصَّفِّ، وَلَا تَفْهَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا مِنْ أَوَاسِطِ الْمُفَصَّلِ وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَوْلًا ثَالِثًا بِالتَّخْيِيرِ. [قَوْلُهُ: سِرًّا] أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنَّةِ، وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ السِّرَّ جَمِيعَهُ فِي مَحَلِّهِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا أَنَّهُ فِي كُلّ رَكْعَةٍ سُنَّةٌ، وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَقِيلَ: إنَّ الْإِسْرَارَ فِي الْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمِثْلُهَا السُّورَةُ إلَّا أَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَخَفِيفَةٌ فِي السُّورَةِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ تَكْرَارٌ إلَخْ] أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ تت بِجَوَابٍ سَهْلٍ فَقَالَ: وَلَمَا فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَجْهَرُ أَنَّهُ يَقْرَأُ سِرًّا وَلَكِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمَفْهُومُ صَرَّحَ بِهِ، فَقَالَ: وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سِرًّا، وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ فَلَا يَنْبَغِي الدُّعَاءُ فِي الْأُولَى كَمَا هُوَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>