للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّبْحَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ فِعْلُهُ فِيمَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ، وَمَا حَدَّدَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ خِلَافَ مَا حَدَّدَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ حَدَّدَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَهَى. وَهُوَ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِعْلُ الْوَرْدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ بِشُرُوطٍ نَقَلْنَاهَا فِي الْأَصْلِ (ثُمَّ) إذَا صَلَّى مَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ عَنْ حِزْبِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ (يُوتِرُ) لِأَنَّ لَهُ وَقْتَيْنِ اخْتِيَارِيٌّ وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَضَرُورِيٌّ وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُصَلِّي الصُّبْحَ) هَذَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ إلَّا

ــ

[حاشية العدوي]

اسْتَمَرَّ نَائِمًا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سَاكِتًا عَمَّا إذَا انْتَبَهَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ تَمَامَ وِرْدِهِ.

أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ مُغَايِرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: مَنْ اسْتَيْقَظَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِزَمَنٍ قَلِيلٍ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ جَمِيعَ الْحِزْبِ بَلْ بَعْضَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ ذَلِكَ الْبَعْضَ فِيمَا بَيْنَ وَقْتِ الِانْتِبَاهِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَوَّلِ الْإِسْفَارِ. [قَوْلُهُ: يَعْنِي الْإِسْفَارَ الَّذِي إلَخْ] أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ حَقِيقَةُ الْإِسْفَارِ لَا التَّخْصِيصُ لِأَنَّ الْإِسْفَارَ وَاحِدٌ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ بَعْدَ ذَلِكَ] أَيْ بَعْدَ الْإِسْفَارِ.

وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ فِعْلُهُ فِيمَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ فِيمَا بَعْدَ دُخُولِ الْإِسْفَارِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا ضَرُورِيَّ لَهَا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ لَهَا ضَرُورِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ صَلَاتِهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا مِنْ وَتْرٍ وَفَجْرٍ قَبْلَ الْإِسْفَارِ كَمَا فِي عج. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهَا لَا ضَرُورِيَّ لَهَا فَلَا يُلْحِقُ الْوَتْرَ بِالْوِرْدِ فِي الْفِعْلِ قَبْلَ الْإِسْفَارِ، بَلْ وَلَوْ فِي الْإِسْفَارِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُصَلِّي وِرْدَهُ وَوَتْرَهُ لَا يَظْهَرُ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَدَّدَ إلَخْ] نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَهَى. لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ فَاتَهُ الْوَرْدُ اخْتِيَارًا. [قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ] أَيْ وَلَوْ كَانَ فِعْلُهُ الْحِزْبَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ انْتَبَهَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ بِزَمَنٍ يَسَعُ الْوِرْدَ وَالشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَالْفَجْرَ وَالصُّبْحَ قَبْلَ الْإِسْفَارِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ انْتَبَهَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَوَّلِ الْإِسْفَارِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْحِزْبَ وَالشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَالْفَجْرَ وَالصُّبْحَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ أَوْ انْتَبَهَ قَبْلَ الْإِسْفَارِ عَلَى أَنَّ لَهَا ضَرُورِيًّا.

أَقُولُ: وَالتَّحْقِيقُ كَلَامُ الرِّسَالَةِ الْمُوَافِقُ لَهُ خَلِيلٌ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ الرِّسَالَةِ وَالْحِزْبُ لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ مُوَافِقٌ لِلرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ قَالَ قَبْلَ إسْفَارٍ إلَخْ. [قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ إلَخْ] هِيَ أَنْ يَكُونَ نَوْمُهُ غَلَبَهُ وَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ الِانْتِبَاهَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَأَنْ يَكُونَ وَحْدَهُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ] أَيْ وَشَفَقٍ احْتِرَازًا مِمَّنْ قَدِمَ الْعِشَاءَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي الْوَتْرَ إلَّا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَتْرَ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَوْ سَهْوًا وَلَا بَعْدَ عِشَاءٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَقَبْلَ الشَّفَقِ كَلَيْلَةِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ. [قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ] أَيْ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْإِسْفَارِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] خِلَافًا لِلْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْوَتْرَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ حَكَاهُ التَّتَّائِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ يُصَلِّي الصُّبْحَ] أَيْ وَيَتْرُكُ الْفَجْرَ فَيُصَلِّيه بَعْدَ حَلِّ النَّافِلَةِ. [قَوْلُهُ: لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ] أَيْ أَوْ أَرْبَعٍ عَلَى الرَّاجِحِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَاخْتُلِفَ إذَا اتَّسَعَ لِأَرْبَعٍ هَلْ يَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَلَوْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الصُّبْحِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْمُوَازِيَةِ أَوْ يَتْرُكُ الشَّفْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>