لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَ الْوَتْرَ وَصَلَّى الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِلَى ضَرُورِيِّهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَقْضِي الْوَتْرَ مَنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ) نَحْوُهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ نَسِيَ الْوَتْرَ وَتَذَكَّرَهُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْقَطْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ فَذًّا، ثُمَّ يُصَلِّي الْوَتْرَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَاسْتَظْهَرَ مُقَابِلَهُ لِئَلَّا يَقْطَعَ الْأَقْوَى لِلْأَضْعَفِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّمَادِي.
وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ: الْقَطْعُ وَعَدَمُهُ، وَعَلَى الْقَطْعِ فَهَلْ يَسْتَخْلِفُ قِيَاسًا عَلَى الْحَدَثِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ قَالَهُ ع، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَإِنْ عَقَدَهَا تَمَادَى فَذًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
وَقَالَ ع: الْخِلَافَةُ فِي الْقَطْعِ أَوْ التَّمَادِي إذَا كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا، أَمَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. .
(وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ) وَيُرْوَى مَسْجِدًا (وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. [قَوْلُهُ: تَرَكَ الْوَتْرَ وَصَلَّى الصُّبْحَ] وَمُقَابَلَةُ قَوْلِ أَصْبَغَ: يُصَلِّي الْوَتْرَ رَكْعَةً وَرَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَةٍ تَعَيَّنَ الصُّبْحُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَالصُّبْحَ وَتَرَكَ الْفَجْرَ، وَإِنْ اتَّسَعَ لِسَبْعٍ صَلَّى الْجَمِيعَ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ تَحَرُّزًا عَنْ الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُرَاعِي فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ فَيُصَلِّي هَذِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ لِلطُّلُوعِ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِلَى ضَرُورِيِّهِ أَيْ إلَى انْقِضَاءِ ضَرُورِيِّهِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي الْكَلَامِ لَا تَجِدُ ذِكْرُ هَذَا الْكَلَامِ مُنَاسِبًا لِأَنَّهُ قَدْ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْإِسْفَارِ فَصَارَ الْإِسْفَارُ خَالِيًا مِنْ صَلَاةِ الْحِزْبِ فِيهِ فَيَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُ الْجَمِيعِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَكَيْفَ يُعْقَلُ إيرَادُ هَذِهِ التَّفَاصِيلِ هُنَا فَهَذِهِ التَّفَاصِيلُ تُفْرَضُ فِي إنْسَانٍ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ مَثَلًا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟ فَيُقَالُ: إنَّ الْوَقْتَ تَارَةً يَسَعُ كَذَا وَتَارَةٌ يَسَعُ كَذَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْوَتْرَ وَنَامَ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِقْدَارَ مَا يُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ صَلَاةَ الصُّبْحِ] أَيْ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْفَجْرَ بَعْدَ الْوَتْرِ، وَأَوْلَى لَوْ تَذَكَّرَ الْوَتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصُّبْحِ فَيُصَلِّي الْوَتْرَ ثُمَّ يُعِيدُ الْفَجْرَ، وَكَذَا إذَا صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةَ فَرْضٍ تَقَدَّمَ عَلَى الصُّبْحِ لِكَوْنِهَا يَسِيرَةً فَإِنَّهُ بَعْدَ الْفَائِتَةِ يُعِيدُ الْفَجْرَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْوَتْرَ فِي الْفَجْرِ فَقَوْلَانِ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْقَطْعُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُ الصُّبْحَ فَأَوْلَى هِيَ. [قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ مُقَابِلَهُ] الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْقَطْعِ وَهُوَ يُصَدِّقُ بِجَوَازِ الْقَطْعِ وَكَرَاهَتِهِ وَحُرْمَتِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَبْسُوطِ لَا يَقْطَعُ وَيَتَبَادَرُ مِنْهَا الْحُرْمَةُ وَهَذَا الِاسْتِظْهَارُ لِلَّخْمِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّمَادِي] أَيْ وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ وَصَلَّاهَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّمَادِي مِثْلَهُ فِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ قَائِلًا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّمَادِي لَكِنَّ الْفِقْهَ مُتَّبَعٌ. [قَوْلُهُ: وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ الْقَطْعُ] أَيْ نَدْبُ الْقَطْعِ وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ النَّدْبِ الصَّادِقِ بِالْجَوَازِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَذَا فِي صَرِيحِ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ الرِّوَايَةِ بِالْقَطْعِ.
[قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً] الرَّاجِحُ أَنَّ ذَلِكَ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ زَرْقُونٍ. [قَوْلُهُ: فَهَلْ يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ] أَيْ أَوْ لَا يَقْطَعُ بَلْ يَسْتَخْلِفُ وَيُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ اقْتَصَرَ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا أَيْ بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ يُوقِعَ الصُّبْحَ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ كَذَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَسْفَرَ حَيْثُ كَانَ يُوقِعُ الصُّبْحَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ التَّذَكُّرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَالتَّذَكُّرُ فِيهَا فَنَقُولُ: إذَا كَانَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا يُصَلِّي الْوَتْرَ وَلَوْ أَدَّى لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الضَّرُورِيِّ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِهَا يَقْطَعُ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى فِعْلِ الصُّبْحِ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ دَخَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute