للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الْقَوْلِ (عَلَى نَحْوِ مَا فَعَلَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ) وَنَحْوِهَا فَمَا قَرَأَ الْإِمَامُ فِيهِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَرَأَ فِيهِ مِثْلَهُ، وَمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ جَهَرَ فِيهِ وَمَا أَسَرَّ فِيهِ أَسَرَّ فِيهِ.

وَنَحْوُ الْقِرَاءَةِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَالْفَذِّ وَالتَّكْبِيرِ لِلْقِيَامِ، فَإِنْ جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْجُلُوسُ لَوْ انْفَرَدَ بِأَنْ يُدْرِكَهُ فِي رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ، وَإِنْ جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْجُلُوسُ لَوْ انْفَرَدَ بِأَنْ يُدْرِكَ مَعَهُ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ تَنَاقُضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّنَاقُضَ نَقَلْنَاهُ فِي التَّكْبِيرِ.

(وَأَمَّا) الثَّانِي وَهُوَ الْبِنَاءُ (فِي) الْفِعْلِ كَ (الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ فَفِعْلُهُ) فِيهِ (كَفِعْلِ الْبَانِي الْمُصَلِّي وَحْدَهُ) فِي كَلَامِهِ إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَالَ مَجْهُولًا عَلَى مَجْهُولٍ، إذْ الْبَانِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَهُوَ الَّذِي يُصَلِّي صَلَاتَهُ إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يَذْكُرُ مَا يُفْسِدُ لَهُ بَعْضَهَا وَصُوَرُهُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا يُفْسِدُ لَهُ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِتَرْكِ سَجْدَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي الْبَانِي أَنْ يَجْعَلَ مَا صَحَّ عِنْدَهُ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ فَيَبْنِي عَلَيْهِ وَيَأْتِي بِمَا فَسَدَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا يَفْعَلُ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ، فَإِذَا مَا أَفْسَدَ لَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ الْعِشَاءِ مِثْلًا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً وَيَسْجُدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامَهُ قَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ فَأَتَى بِالْأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَ هُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَأْتِي بِالرَّكْعَتَيْنِ مَعًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بَيْنَهُمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي كِلَيْهِمَا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَرْقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالْأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي الْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا إلَخْ] الْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ الْقِرَاءَةُ وَصِفَتُهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْقِرَاءَةِ سَمِعَ اللَّهُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقِرَاءَةُ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: فَيَجْمَعُ بَيْنَهُ إلَخْ] يُقَالُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ نَحْوُ الْقِرَاءَةِ لَاقْتَصَرَ عَلَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَقُولُهَا الْإِمَامُ بَلْ نَقُولُ: فَجَمْعُهُ لِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَعَ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ بَانِيًا فِيهَا وَنَزَلَتْ مَنْزِلَةُ الْفِعْلِ فَجَعَلَ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدٌ، أَيْ وَشَأْنُ الْمُنْفَرِدِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ.

[قَوْلُهُ: وَالتَّكْبِيرُ لِلْقِيَامِ] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا فَرْعٌ لَا دَخْلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِبِنَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ فَالْأَحْسَنُ عَدَمُ إدْرَاجِهِ فِي هَذَا الْبَحْثِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ] لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَقَدْ يَرْفَعُ مِنْ سُجُودِهِ بِتَكْبِيرٍ جَلَسَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ قَدْ ذَكَرُوهُ وَهُوَ يُؤْذِنُ بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذَا فَرْعٌ مُسْتَقِلٌّ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ التَّكْبِيرَ، إنَّمَا هُوَ لِلِانْتِقَالِ إلَى رُكْنٍ وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَوْلًا أَنَّهُ إذَا جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ قَالَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَاضٍ لِلْمَاضِيَتَيْنِ، وَاَلَّذِي شُرِعَ فِي أَوَّلِهِمَا تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ.

قَالَ ذَلِكَ بَهْرَامَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ، أَيْ مُدْرِكُ الرَّكْعَتَيْنِ وَمُدْرِكُ غَيْرِهِمَا.

[قَوْلُهُ: مُدْرِكُ التَّشَهُّدِ] لَا مَفْهُومَ لِلتَّشَهُّدِ بَلْ حَيْثُ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ تَنَاقُضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ] بَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التَّنَاقُضُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ بِهِ مَانِعًا مِنْ تَكْبِيرِ مَنْ جَلَسَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّكْبِيرَ الَّذِي كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ قَدْ جَلَسَ بِهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّلَاةِ مَا يُعْتَدُّ بِهِ صَارَ كَمَنْ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِتَكْبِيرٍ فِي أَوَّلِهَا. [قَوْلُهُ: أَحَالَ مَجْهُولًا] وَهُوَ فِعْلُ الْمَسْبُوقِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَجْهُولٍ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُ بَعْضِ صَلَاتِهِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ مَا يَفْعَلُ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَى نَحْوِ مَا يَفْعَلُ فِي انْتِهَاءِ صَلَاتِهِ كَمَا يَتَّضِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>