لَمْ يَسْهُ مَعَهُ مِمَّنْ خَلْفَهُ) ظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ تَفْصِيلٍ ذَكَرْنَاهُ فِي الْكَبِيرِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ، وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ الِاخْتِلَافُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا وَجَمِيعِ هَيْئَاتِهَا. (وَلَا يَرْفَعُ أَحَدٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ (رَأْسَهُ) مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (قَبْلَ الْإِمَامِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَجْهَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي إمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ» . (وَلَا يَفْعَلُ) أَحَدٌ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (إلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا ثُمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
سِنِينَ وَطَالَ. [قَوْلُهُ: فَلْيَتْبَعْهُ] أَيْ وُجُوبًا.
[قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ تَفْصِيلٍ ذَكَرْنَاهُ فِي الْكَبِيرِ] مَفْهُومُ لَقَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَصُّهُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ إنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَهُ الصَّلَاةَ كُلَّهَا لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ كَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا، وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا، فَلَا يَخْلُو، إمَّا أَنَّ يَعْقِدَ مَعَهُ رَكْعَةً أَوْ لَا، فَإِنْ عَقَدَ مَعَهُ رَكْعَةً وَكَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا سَجَدَ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدِيًّا لَا يَسْجُدُ مَعَهُ وَيَنْتَظِرُهُ جَالِسًا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالُوا وَيَكُونُ سَاكِتًا وَلَا يَتَشَهَّدُ، فَإِنْ خَالَفَ وَسَجَدَ مَعَهُ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ، وَإِنْ جَهِلَ فَقَالَ عِيسَى: يُعِيدُ أَبَدًا.
قَالَ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ الْأَقْيَسُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَهْلِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النِّسْيَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ عَلَيْهِ السُّجُودُ مَعَ الْإِمَامِ اهـ.
وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ سُجُودُهُ الْبَعْدِيُّ، وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَتْبَعُهُ وَعَلَيْهِ إذَا خَالَفَ وَتَبِعَهُ بَطَلْت صَلَاتُهُ، اهـ. أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا. [قَوْلُهُ: لِيُؤْتَمَّ بِهِ] أَيْ لِيُقْتَدَى بِهِ فِي أَحْوَالِ الصَّلَاةِ فَتَنْتَفِي الْمُقَارَنَةُ وَالْمُسَابَقَةُ وَالْمُخَالَفَةُ، كَمَا قَالَ: فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَالرَّفْعُ قَبْلَهُ وَالْخَفْضُ مِنْ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ لِيَرْفَعَ بَعْدَ رَفْعِهِ وَيَخْفِضَ بَعْدَ خَفْضِهِ، قَالَهُ شَارِحُ الْحَدِيثِ أَيْ وَكَذَا مِنْ اخْتِلَافِ أَنْ لَا يَتْبَعَهُ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِمَّنْ خَلْفَهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُ] أَيْ تَحْرِيمًا فَلَوْ خَالَفَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ وَهَلْ الرُّجُوعُ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ قَوْلَانِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَوْ تَرَكَ الرُّجُوعَ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا حَيْثُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ لَا سَهْوًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ زُوحِمَ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْخَفْضُ. [قَوْلُهُ: أَمَا] بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ. [قَوْلُهُ: الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ] أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ وَجْهَهُ] أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ يُمْسَخَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الْمَسْخِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْأَشْرِبَةِ، أَوْ يُحَوِّلُ هَيْئَتَهُ الْحِسِّيَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيُحْشَرَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، أَيْ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْبَلَادَةِ الْمَوْصُوفِ بِهَا الْحِمَارُ فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ لِلْجَاهِلِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَعِيدَ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ حَاصِلَةٌ فِي فَاعِلِ ذَلِكَ عِنْدَ فِعْلِهِ ذَلِكَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ وَأَوْ فِي قَوْلَهُ أَوْ يَجْعَلُ إلَخْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي. [قَوْلُهُ: إنِّي إمَامُكُمْ] بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمُ الثَّانِيَةُ مَضْمُومَةٌ. [قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ] أَيْ إلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي فِعْلِهِ، أَيْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ وَيُدْرِكَهُ فِيهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَأَمَّا فِيهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّأَخُّرُ حَتَّى يَنْتَقِلَ الْإِمَامُ قَائِمًا. [قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنِ] بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ، أَوْ لَمْ يُقَوِّسْ وَقَوْلُهُ سَاجِدًا حَالٌ وَقَوْلُهُ: لَمْ نَقَعْ بِنُونِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ غَيْرِهِ وَالْعَيْنُ مَرْفُوعَةٌ، وَقَوْلُهُ: سُجُودًا حَالٌ وَهُوَ جَمْعُ سَاجِدٍ، أَيْ بِحَيْثُ يَتَأَخَّرُ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِمْ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِمْ عَلَى فَرَاغِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ السُّجُودِ، كَذَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ: فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ وَلَا يَفْعَلُهُ إلَخْ، تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَبْلُ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:.
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute