للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْتَصِبُ فِي مَسْجِدِ الْإِمَامَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَوْ بَعْضِهَا (إنْ صَلَّى وَحْدَهُ قَامَ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ) فِي حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَفِي الْحُكْمِ فَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَلَا تُجْمَعُ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَرَّةً أُخْرَى، وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ يُعِيدُ مَعَهُ بَعْضُهُمْ وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ حَاصِلَةٌ فِي حَقِّهِ، وَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَزِيدُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ (وَيُكْرَهُ) كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ (فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ أَنْ تُجْمَعَ فِيهِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ) قَبْلَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّشَاجُرِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَإِذَايَتِهِمْ. ق: وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِرَجُلٍ أَنْ يُؤْذِيَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.

(وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا (فَلَا يَؤُمُّ فِيهَا أَحَدًا) لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ مُتَنَفِّلًا، الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ الْمُفْتَرِضُ بِالْمُتَنَفِّلِ وَيُعِيدُهُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ أَبَدًا جَمَاعَةً إنْ شَاءُوا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَأَفْذَاذًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ (وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ) فِي صَلَاتِهِ (سَجَدَ لِسَهْوِهِ فَلْيَتْبَعْهُ مَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَقَامَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَإِنْ كُرِهَ وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِهِ وَإِنْ أَمَرَ بِمَكْرُوهٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. [قَوْلُهُ: الْمُنْتَصِبُ فِي مَسْجِدٍ] حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ فِيهِ سَفِينَةٌ وَمَكَانٌ جَرَّتْ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ. [قَوْلُهُ: قَامَ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ إلَخْ] أَيْ بِشَرْطِ صَلَاتِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَانْتِظَارِ النَّاسِ عَلَى الْعَادَةِ وَنِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ جَمَاعَةً فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، إذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدٍ كَمَا قَالَ سَنَدٌ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ، قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْفَذِّ فِي نَدْبِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَتَقْصِيرِهَا لَا كَالْإِمَامِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ طَلَبِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ. [قَوْلُهُ: وَلَا تُجْمَعُ الصَّلَاةُ إلَخْ] أَيْ يُكْرَهُ. [قَوْلُهُ: يُعِيدُ مَعَهُ] أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، أَيْ نَدْبًا. [قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ] أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. [قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَسْجِدٍ] أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ. [قَوْلُهُ: لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ] وَنَائِبُ الرَّاتِبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّاتِبِ.

قَالَ تت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ رَاتِبًا فِي كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَالْكَرَاهَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الَّتِي هُوَ رَاتِبٌ فِيهَا فَقَطْ اهـ.

وَأَمَّا مَا لَا رَاتِبَ لَهُ فَلَا يُكْرَهُ تَعَدُّدُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ. [قَوْلُهُ: أَنْ تُجْمَعَ الصَّلَاةُ فِيهِ مَرَّتَيْنِ] احْتِرَازًا مِنْ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ فِيهِ بَعْدَ جَمْعِ الْإِمَامِ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَقَبْلِهِ لِعُذْرٍ وَالْإِكْرَاهُ، أَيْ مَعَ الْخُرُوجِ قَبْلَ جَمْعِ الْإِمَامِ. [قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ] أَيْ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَجْمَعَ وَلَا كَرَاهَةَ وَيُكْرَهُ لَهُ أَيْ لِلرَّاتِبِ حِينَئِذٍ الْجَمْعُ فَإِذَا لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا فَيَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَعْدَ جَمْعِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِلَّا كُرِهَ. [قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ] ضَعِيفٌ لِمَا ذَكَرَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ صَلَاةً حَالَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ لَهَا سَوَاءً صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً اهـ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَخْ] هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ قَالَ تت: وَعَلَى الْكَرَاهَةِ لِأَذِيَّةِ الْإِمَامِ أَوْ لِتَطَرُّقِ أَهْلِ الْبِدَعِ أَوْ لِلتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ أَوْ لِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِالْأُلْفَةِ أَقْوَالٌ. [قَوْلُهُ: يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ] أَيْ إلَّا أَنَّ الْفِقْهَ لَا حُرْمَةَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ] وَجَوَّزَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَهُ تت.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً مِنْ الصَّلَوَاتِ] أَيْ بِحَيْثُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ. [قَوْلُهُ: جَمَاعَةً إنْ شَاءُوا إلَخْ] هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ ضَعِيفٌ: قَالَ ابْنُ نَاجِي: لَمْ يَحْكِ ابْنُ بَشِيرٍ غَيْرَهُ، أَيْ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ: وَهَذَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى تُجْزِئُهُمْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا أَعَادُوهَا جَمَاعَةً صَارَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ كَمُعِيدٍ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَرَاعَى فِي الْإِعَادَةِ مَذْهَبَ الْمُخَالِفِ لَا مَذْهَبَ نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لِسَهْوِهِ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُؤْمَرُ بِالسُّجُودِ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ، فَلَوْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ الْقَبْلِيُّ مَعَهُ وَتَرَكَهُ إمَامُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ إمَامِهِ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>