للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ فَجِئْت حَتَّى قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَابِرُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعْنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» . وَالثَّالِثَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الرَّجُلَيْنِ (قَامَتْ خَلْفَهُمَا) فِي مُسْلِمٍ قَالَ. أَنَسٌ: «صَلَّيْت أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» ، وَالرَّابِعَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةِ (رَجُلٌ صَلَّى) الرَّجُلُ (عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَ) صَلَّتْ (الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا) لِمَا فِي مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ أَوْ خَالَتِهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا» . وَحُكْمُ جَمَاعَةِ النِّسْوَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَالرَّجُلِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مَعَهُمَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ: وَتَكُونُ النِّسَاءُ خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجَالِ. وَالْخَامِسَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ صَلَّى بِزَوْجَتِهِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْأَفْصَحُ فِيهِ زَوْجٌ كَالرَّجُلِ قَالَ تَعَالَى {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥] يَعْنِي أَوْ بِمَحْرَمِهِ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُ (قَامَتْ خَلْفَهُ) وَالسَّادِسَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَالصَّبِيُّ إنْ صَلَّى مَعَ رَجُلٍ وَاحِدٍ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَا) أَيْ الصَّبِيُّ وَالرَّجُلُ (خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ دَلِيلُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ، لَكِنْ قَيَّدَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ هَذَا بِقَيْدٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ) ثَوَابَ مَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِثْمَ مَنْ قَطَعَهَا (لَا يَذْهَبُ وَيَدَعُ) أَيْ يَتْرُكُ (مَنْ يَقِفُ مَعَهُ) فَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ الصَّبِيُّ مَا ذُكِرَ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَيَتْرُكُ الصَّبِيَّ يَقِفُ حَيْثُ شَاءَ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا الِاسْتِحْبَابُ، فَمَنْ خَالَفَ مَرْتَبَتَهُ وَصَلَّى فِي غَيْرِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَقَدَّمَتْ إلَى مَرْتَبَةِ الرَّجُلِ أَوْ أَمَامِ الْإِمَامِ فَكَالرَّجُلِ يَتَقَدَّمُ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاةُ مَنْ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ بِرُؤْيَتِهَا أَوْ بِمُمَاسَّتِهَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ لِعُذْرٍ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.

(وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّجُلَانِ لِيَشْمَلَ الْمُصَلِّي جَالِسًا. [قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ جَابِرُ بْنُ صَخْرٍ فَأَخَذَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا] قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ أَنَّهُمَا يَتَأَخَّرَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يُؤْمَرُ الْإِمَامُ بِالتَّقَدُّمِ أَمَامَهُمَا بَلْ يَسْتَمِرُّ وَاقِفًا وَهُمَا الْمَأْمُورَانِ بِالتَّأَخُّرِ خَلْفَ الْإِمَامِ. [قَوْلُهُ: امْرَأَةٌ مَعَهُمَا] وَمِثْلُهَا جَمَاعَةُ النِّسْوَةِ.

[قَوْلُهُ: وَيَتِيمٌ] اسْمُهُ ضُمَيْرَةُ بْنُ أَبِي ضُمَيْرَةَ بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُرِدْ مُطْلَقَ يَتِيمٍ بَلْ يَتِيمٌ مُعَيَّنٌ.

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَصَفَفْت أَنَا وَالْيَتِيمُ، وَتِلْكَ الصَّلَاةُ رَكْعَتَانِ نَافِلَةً كَمَا يُفِيدُهُ مُسْلِمٌ. [قَوْلُهُ: وَأُمُّ سُلَيْمٍ إلَخْ] هِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةِ] بِقَرِينَةِ اسْمِ كَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْمَرْأَةُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِأَنَّهُ يَعْنِي بِهِمَا الْإِمَامَ وَالْمَرْأَةَ. [قَوْلُهُ: رَجُلٌ] وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الْقُرْبَةَ. [قَوْلُهُ: صَلَّى الرَّجُلُ] أَيْ وَالصَّبِيُّ. [قَوْلُهُ: أَوْ خَالَتِهِ] شَكٌّ وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ أَيْ الَّتِي هِيَ أُمُّهُ أَوْ خَالَتُهُ.

[قَوْلُهُ: قَامَتْ خَلْفَهُ] وَلَا تَقِفُ عَلَى يَمِينِهِ فَلَوْ وَقَفَتْ بِجَنْبِهِ كُرِهَ لَهَا ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ إلَيْهَا بِالتَّأَخُّرِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمُحَاذَاةِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَ الْخُنْثَى مَعَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ رِجَالٍ كَالْأُنْثَى، وَأَمَّا مَعَ رِجَالٍ وَإِنَاثٍ فَيَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةُ خَلْفَهُ، هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَحَرَّرَهُ شَرْحُ الشَّيْخِ. [قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ] أَيْ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَمَثَلُ التَّقَدُّمِ لِمُحَاذَاةٍ وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ خَوْفُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا لَا يَعْلَمُونَهُ مِمَّا يُبْطِلُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا تَقَدَّمَ كُلُّ الْمَأْمُومِينَ عَلَى ظَاهِرِ نَقْلِ الْمَوَّاقُ.

وَفِي صَغِيرِ بَهْرَامَ إنْ تَقَدَّمُوا كُلُّهُمْ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا زَادَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَزْمٍ فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْكِتَابِ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ اهـ، وَانْظُرْ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا. [قَوْلُهُ: وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ] أَيْ صَلَاةُ الْإِمَامِ الَّذِي تَقَدَّمَتْ الْمَرْأَةُ أَمَامَهُ وَلَا صَلَاةُ مَنْ مَعَهُ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ بِرُؤْيَتِهَا إلَخْ] ضَعِيفٌ إذْ الِالْتِذَاذُ بِرُؤْيَتِهَا مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ وَلَا إنْزَالٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ.

[قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ إلَخْ] هُوَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>