للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» إلَخْ زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ فَقَالَ: (وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا التَّشَهُّدَ أَوْ السُّجُودَ فَلَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ) أُخْرَى وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى إحْرَامِهِ فَذًّا أَوْ يَقْطَعَ وَيُدْرِكَ جَمَاعَةً أُخْرَى إنْ رَجَاهَا، هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَصِلْ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَنْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَّا هَذَا الْمِقْدَارَ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ وَيَقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا سَوَاءً أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَعَلَهُ عَلَى سِتَّةِ مَرَاتِبَ الْأُولَى أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَالرَّجُلُ الْوَاحِدُ) فَقَطْ أَوْ الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَانَ (مَعَ الْإِمَامِ) فَإِنَّهُ (يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ فَعَدَلَنِي كَذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ» ، وَالثَّانِيَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَقُومُ الرَّجُلَانِ فَأَكْثَرُ خَلْفَهُ) لِمَا فِي

ــ

[حاشية العدوي]

ابْتِدَاءً مَعَ الْفُضَلَاءِ، وَفِي الْجُمُوعِ الْكَثِيرَةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ لَا تُشْرَعُ لِأَجْلِهِ الْإِعَادَةُ.

[قَوْلُهُ: بِالْكَثْرَةِ وَفَضِيلَةُ الْإِمَامِ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ، أَيْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَنْ صَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ أَنْ يُعِيدَ مَعَ أَفْضَلَ مِنْهَا أَوْ صَلَّى مَعَ إمَامٍ أَنْ يُعِيدَ مَعَ أَفْضَلَ مِنْهُ، هَذَا مُرَادُهُ عَلَى مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَقَدْ يَبْحَثُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَثِّ عَلَى إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ هُنَا وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً لَيْسَ مُكَرِّرًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ قَصَدَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ مَعَ الْإِمَامِ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ مُحَصِّلَ الْفَضْلِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِلْفَضْلِ الْحَاصِلِ.

[قَوْلُهُ: فَلَهُ] أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَنْ صَلَّاهَا ابْتِدَاءً وَحْدَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ هَذِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِحُصُولِ الْفَضْلِ بِإِدْرَاكِ مَا دُونَ رَكْعَةٍ أَوْ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ تَوَهُّمِ اعْتِقَادِ حُصُولِ الْفَضْلِ لَهُ. [قَوْلُهُ: إنْ رَجَاهَا] فَإِنْ لَمْ يَرْجُهَا كَمَّلَ صَلَاتَهُ وَلَا يَقْطَعُهَا كَذَا صَرَّحُوا بِهِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَشْفَعُ] أَيْ نَدْبًا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً أَيْ سَوَاءً أَحْرَمَ بِنِيَّةِ فَرْضٍ أَوْ نَفَّلَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَإِنَّمَا يَشْفَعُ إذَا كَانَ مِمَّا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا كَمَا فِي التَّتَّائِيِّ.

قَالَ الْكَافِي مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَدْرَكَ النَّاسَ جُلُوسًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ لَيْلًا يَكُونُوا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ فَإِذَا دَخَلَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ فِي آخِرِهَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ اهـ. أَيْ إذَا كَانَ مِمَّا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: وَيَقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ أَيْ لَا يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حِينَ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ نَافِلَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهَا وَأَمْرُهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَجْعَلُ فَرْضَهُ أَيَّتُهُمَا شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَرِدْ رَفْضُ الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ الْأُولَى وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ هَذِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ إلَخْ] أَيْ يَعْقِلُ أَنَّ الطَّاعَةَ يُثَابُ عَلَيْهَا أَيْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ لِفَاعِلِهَا وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ يُعَاقِبُ عَلَيْهَا أَيْ يَحْصُلُ الْعِقَابُ لِفَاعِلِهَا إلَّا الصَّبِيَّ. [قَوْلُهُ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ] أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَقُومَ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ الْإِمَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ وَتُكْرَهُ مُحَاذَاتُهُ. [قَوْلُهُ: فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ] إنَّمَا لَمْ يُدِرْهُ مِنْ أَمَامِهِ مَعَ أَنَّهُ أَسْهَلُ لِئَلَّا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَهُ تت. [قَوْلُهُ: فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ] الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْخُذْ بِيَدِ أَنَسٍ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بَلْ إنَّمَا أَخَذَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيُمْنَى، وَقَوْلُهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ كَذَلِكَ وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ تَطَوُّعًا» . [قَوْلُهُ: وَيَقُومُ الرَّجُلَانِ] أَيْ يُصَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>