للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْضِ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَحْدَهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ الْغَيْرُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا عَدَا الصَّبِيِّ، أَمَّا هُوَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَا صَلَّى مَعَهُ لِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ نَافِلَةٌ، وَقَيَّدْنَا بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ إذَا صَلَّى فِيهَا مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً فِي غَيْرِهَا لَا يُعِيدُ، وَإِذَا وَجَدَهُمْ فِيهَا أَعَادَ مَعَهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي غَيْرِهَا ثُمَّ أَتَاهَا أَعَادَ فِيهَا مُنْفَرِدًا لِأَجْلِ فَضْلِهَا.

وَبِقَوْلِنَا: وَلَمْ تَقُمْ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ إعَادَةِ الْمُنْفَرِدِ فِي الْجَمَاعَةِ (لِ) تَحْصِيلِ (الْفَضْلِ) الْوَارِدِ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَالصَّلَاةُ الَّتِي تُعَادُ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ عَامٌّ فِي كُلِّ الْفَرِيضَةِ (إلَّا الْمَغْرِبَ وَحْدَهَا) لِأَنَّهَا إذَا أُعِيدَتْ صَارَتْ شَفْعًا وَهِيَ إنَّمَا جُعِلَتْ ثَلَاثًا لِتُوتِرَ عَدَدَ رَكَعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ الْعِشَاءَ وَلَوْ أَوْتَرَ وَالْمَشْهُورُ لَا يُعِيدُ إذَا أَوْتَرَ لِاجْتِمَاعِ وَتْرَيْنِ فِي لَيْلَةٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونَ فِي أَنَّهُ يُعِيدُ الْوَتْرَ إذَا أَعَادَ الْعِشَاءَ (وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ أَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ أَزْيَدَ خَيْرًا وَتَقْوَى هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: تُفَضَّلُ الْجَمَاعَةُ بِالْكَثْرَةِ وَفَضِيلَةِ الْإِمَامِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

ــ

[حاشية العدوي]

الْعَلَّامَةِ خ وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَائِهِ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا، فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ بَانَ مُؤْمِنًا ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ جِنِّيًّا أَوْ مَلَكًا أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التَّتَّائِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا] لَا مَعَ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ بِنِيَّةِ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ] أَيْ فِي جَعْلِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَرْضُهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مَعَ التَّفْوِيضِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ] وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهَا النَّفْلِيَّةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ أَوَّلًا لَمْ تُحْمَلْ نِيَّتُهُ هُنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ فَإِنْ تَرَكَ فِيهِ التَّفْوِيضَ وَنَوَى الْفَرِيضَةَ صَحَّتْ، وَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمَ الْأُولَى أَوْ فَسَادَهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، فَقَوْلُ الْفَاكِهَانِيِّ وَلَا بُدَّ إلَخْ مُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لِإِجْزَاءِ هَذِهِ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ الْأُولَى أَوْ فَسَادَهَا.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَدَهُمْ] أَيْ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَيْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَعَادَ مَعَهُمْ كَانَ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا وَلَا يُعِيدُ فِيهَا فَذًّا وَلَوْ فَاضِلًا. [قَوْلُهُ: أَعَادَ فِيهَا مُنْفَرِدًا] وَأَوْلَى جَمَاعَةٌ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً خَارِجَهَا ثُمَّ أَتَاهَا فَيُعِيدُ فِيهَا جَمَاعَةً لَا مُنْفَرِدًا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَنْ دَخَلَ وَاحِدًا مِنْهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي بَعْضِهَا فَذًّا فَلَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ جَمَاعَةً لَا فَذًّا وَلَوْ كَانَ مَا دَخَلَ فِيهِ أَفْضَلُ مِمَّا صَلَّى فَذًّا فِيهِ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا ثُمَّ دَخَلَهَا فَإِنْ كَانَ صَلَّى فِي غَيْرِهَا مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا فِيهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا.

وَأَمَّا لَوْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُ فِيهَا إلَّا فِي جَمَاعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُعِيدُهَا وَلَوْ فَذًّا وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا. [قَوْلُهُ: إلَّا الْمَغْرِبَ] أَيْ فَإِنْ أَعَادَهَا مَعَ الْإِمَامِ قَطَعَ مَا لَمْ يَرْكَعْ، فَإِنْ رَكَعَ شَفَّعَهَا وَقَطَعَ وَعَدَّهَا نَافِلَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى صَلَّى مَعَهُ ثَلَاثًا، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ أَتَى بِرَابِعَةٍ بَعْدَهَا نَافِلَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ وَقِيلَ يُعِيدُ ذَكَرَهُ تت.

[قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونَ] وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ اجْتِمَاعُ وَتْرَيْنِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ لِلْآخِرِ وَهُوَ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وَتْرًا» ابْنُ بَشِيرٍ وَهَذَا خِلَافٌ فِي الْإِعَادَةِ بِأَيِّ نِيَّةٍ تَكُونُ، فَإِنْ قُلْنَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَعَادَ الْوَتْرَ وَإِنْ قُلْنَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ لَمْ يُعِدْ وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا قِيلَ أَنَّهُ يَنْوِي الْكَمَالَ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ] أَيْ وَلَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ. [قَوْلُهُ: فَلَا يُعِيدُهَا] أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَزْيَدُ خَيْرًا وَتَقْوَى] عَطْفُ التَّقْوَى تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَيْ لِأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي تُشْرَعُ لَهُ الْإِعَادَةُ قَدْ حَصَلَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>