للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَاهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ (بَنَى) بِمَعْنَى يَبْنِي وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ اسْتِحْبَابًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَمَلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْأَفْضَلُ الْقَطْعُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَتَّصِلَ عَمَلُهَا وَلَا يَتَخَلَّلَهَا شُغْلٌ كَثِيرٌ وَلَا انْصِرَافٌ عَنْ الْقِبْلَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ النَّجِسَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ أَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَمْشِ عَلَى نَجَاسَةٍ)

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ إنْ تَكَلَّمَ مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ إنْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ رَطْبَةً فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً كَالْقَشْبِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ سَحْنُونَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: لَا تَبْطُلُ. بَهْرَامٌ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَذِرَةِ، وَأَمَّا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الطُّرُقَاتِ لَا تَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَيُدَلِّكُ قَدَمَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ مَاءً إلَى آخَرَ فَإِنْ تَجَاوَزَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا.

الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ لِغَيْرِ طَلَبِ الْمَاءِ، أَمَّا إنْ اسْتَدْبَرَهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَقْطُرَ الدَّمُ أَوْ يَسِيلَ وَلَا يَتَلَطَّخَ بِهِ، أَمَّا إنْ رَشَحَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ فَلَا يَخْرُجُ لَغُسْلِهِ، وَإِنْ قَطَرَ أَوْ سَالَ وَتَلَطَّخَ بِهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا قَرِيبًا.

السَّادِسُ: أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

ثَوْبُهُ أَوْ جَسَدُهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ مَسْكُهُ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إنَّمَا هُوَ إرْشَادٌ إلَى مَا يُعِينُهُ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ بَلْ الشَّرْطُ التَّحَفُّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْأَعْلَى فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْبِسَ الدَّمَ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ بَقِيَ الدَّمُ فِي دَاخِلِ الْأَنْفِ، [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يَبْنِي] ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي أَحْكَامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَفْضَلُ الْقَطْعُ] أَيْ وَرَجَعَ قَالَ زَرُّوقٌ وَهُوَ أَوْلَى بِالْعَامِّيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْعِلْمِ لِجَهْلِهِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي ذَهَابِهِ أَوْ عَوْدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ لِإِصْلَاحِهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَإِنْ قَلَّ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِيَاتِ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: كَالْقَشْبِ] قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقَشْبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، الْيَابِسَةُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الدَّمَ الزَّائِدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَزِبْلِ الْكِلَابِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَذِرَةِ، أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا ذَكَرَ.

[قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ إلَخْ] قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ هَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْنِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا اتِّفَاقًا] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ رَطْبَةً وَلَوْ عَامِدًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ لِعُمُومِهَا وَانْتِشَارِهَا فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِ عُمُومِهَا، وَإِمْكَانِ عُدُولِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الضَّرُورَةُ انْتَهَى، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَذْكُرُ لَك حَاصِلًا بِهِ تَمَامَ الْفَائِدَةِ فَنَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرُورَ عَلَى النَّجَاسَةِ مَعَ الْعَمْدِ وَالِاخْتِيَارِ مُبْطِلٌ مُطْلَقًا وَلَوْ يَابِسَةً وَلَوْ أَرْوَاثَ دَوَابَّ، وَأَمَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ فَلَا بُطْلَانَ وَلَا إعَادَةَ أَيْضًا فِي الْمُرُورِ عَلَى أَرْوَاثِ دَوَابَّ وَلَوْ رَطْبَةً، وَكَذَا فِي الْمُرُورِ عَلَى غَيْرِهَا لَا بُطْلَانَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ هَذَا كُلِّهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَأَمَّا مَعَ النِّسْيَانِ فَفِي نَحْوِ الْعَذِرَةِ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا بُطْلَانَ وَتُنْدَبُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَإِذَا تَذَكَّرَ فِيهَا وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ فَيَتَحَوَّلُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَمَّا فِي أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهَا فَلَا بُطْلَانَ أَيْضًا وَلَا إعَادَةَ وَيُدَلِّكُهَا كَمَا قَالَ شَارِحُنَا فَاشْدُدْ يَدَك عَلَى هَذَا الْحَاصِلِ.

[قَوْلُهُ: إنْ لَا يَتَجَاوَزُ مَاءً إلَى آخَرَ] وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ قَرِيبًا فِي نَفْسِهِ أَيْضًا وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ عج، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَمْرَانِ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فِي نَفْسِهِ.

[قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>