للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ الرَّاعِفُ فِي جَمَاعَةٍ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، أَمَّا الْفَذُّ فَفِي بِنَائِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ الشُّرُوطُ.

(وَ) بَنَى فَ (لَا يَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ) يَعْنِي لَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ (لَمْ تَتِمَّ بِسَجْدَتَيْهَا) وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ تَمَّتْ بِسَجْدَتَيْهَا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ.

وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: يَبْنِي عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَانَ فِي الْأُولَى أَوْ مَا بَعْدَهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ رَعَفَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَلْغَى وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ بَنَى عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ: (وَلْيُلْغِهَا) تَكْرَارٌ زِيَادَةٌ فِي الْبَيَانِ.

وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّمُ كَثِيرًا كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْصَرِفُ لِ) غُسْلِ (دَمٍ خَفِيفٍ وَلْيَفْتِلْهُ بِأَصَابِعِهِ) يَعْنِي بِرُءُوسِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْأَنَامِلُ الْفَوْقَانِيَّةُ، وَصِفَةُ الْفَتْلِ أَنْ يَلْقَاهُ أَوَّلًا بِرَأْسِ الْخِنْصَرِ وَيَفْتِلَهُ بِرَأْسِ الْإِبْهَامِ ثُمَّ بَعْدِ الْخِنْصَرِ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ السَّبَّابَةِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ قَالَهُ ع.

وَقَالَ ق: وَانْظُرْ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ) هَلْ أَرَادَ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَلْيَفْتِلْهُ بِأَصَابِعِهِ إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ فَلَا يَبْتَدِئْ فَتْلَهُ، وَلْيَنْصَرِفْ إلَى الْمَاءِ أَوْ إنَّمَا أَرَادَ إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَلَهُ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ إنَّمَا يَفْتِلُهُ بِأَصَابِعِهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْلِ أَوْ الْقَطْرِ فَلَا يَفْتِلُهُ، وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ وَهَلْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَيْضًا إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ

ــ

[حاشية العدوي]

إمَامًا كَانَ إلَخْ] لَكِنَّ الْإِمَامَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا نَدْبًا، وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ الِاسْتِخْلَافُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَاسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ الْكَلَامِ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ دُونَهُمْ إنْ كَانَ سَهْوًا وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَذُّ فَفِي بِنَائِهِ قَوْلَانِ] مُنْشَؤُهُمَا هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ تَمَامَ الرَّكْعَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْجُلُوسِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهَا لِلْجُلُوسِ، وَيَكُونُ بِالْقِيَامِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهَا لِلْقِيَامِ، فَلَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَبْلَ الْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ رَعَفَ فَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.

تَتِمَّةٌ لَطِيفَةٌ: إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الذَّهَابِ لِمَاءٍ قَرِيبٍ مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَبَعِيدٍ لَا اسْتِدْبَارَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ لِلْقَرِيبِ مَعَ الِاسْتِدْبَارِ، وَإِذَا دَارَ بَيْنَ الِاسْتِدْبَارِ وَوَطْءِ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَبْطُلُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الِاسْتِدْبَارَ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ وَلَوْ وَجَدَ الْمَاءَ الْأَقْرَبَ بِشِرَاءٍ وَغَيْرَ الْأَقْرَبِ بِغَيْرِ شِرَاءٍ وَتَجَاوَزَ الْأَقْرَبَ بَطَلَتْ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَنْصَرِفُ] أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ وَقَوْلُهُ لِغَسْلِ دَمٍ خَفِيفٍ وَهُوَ الرَّاشِحُ الَّذِي يَنْبُعُ مِثْلَ الْعَرَقِ وَمِثْلُهُ الْقَاطِرُ إذَا كَانَ ثَخِينًا؛ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ الْفَتْلُ، وَأَمَّا السَّائِلُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَرَسِّلُ وَكَذَا الْقَاطِرُ الرَّقِيقُ وَالرَّاشِحُ إذَا كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ.

[قَوْلُهُ: وَلْيَفْتِلْهُ] أَيْ إنْ كَانَ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَتْلَ وَاجِبٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ فَلَوْ قَطَعَ أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ إنْ كَانَ إمَامًا.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي بِرُءُوسِ] فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَجَازٌ عِلَاقَتُهُ الْكُلِّيَّةُ.

[قَوْلُهُ: يَدِهِ الْيُسْرَى] أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ يَخْرُجُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا فَتَلَ أَنَامِلَ الْيُسْرَى الْعُلْيَا ثُمَّ زَادَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِأَنَامِل الْيُسْرَى الْوُسْطَى، فَإِنْ زَادَ مَا فِيهَا تَحْقِيقًا عَلَى دِرْهَمٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِلَّا أَتَمَّهَا كَمَا إذَا ظَنَّ الزِّيَادَةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا وَلَا يَنْظُرُ لِمَا فِي الْعُلْيَا وَلَوْ زَادَ مَا فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ، فَلَوْ انْتَقَلَ بَعْدَ تَلَطُّخِ عُلْيَا الْيُسْرَى إلَى عُلْيَا الْيُمْنَى وَزَادَ مَا فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ.

[قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا أَرَادَ] هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَمَنْ رَعَفَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ، أَيْ فَلَا يَفْتِلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَاطِرُ لَا يُمْكِنُ فَتْلُهُ وَإِلَّا فَتَلَهُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْلِ أَوْ الْقَطْرِ فَلَا يَفْتِلُهُ] أَيْ وَلْيَنْصَرِفْ لِغَسْلِهِ بِالشُّرُوطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>