عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى أَصَابِعِهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ، أَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَغْسِلُهُ وَيَبْنِي، وَإِنْ سَالَ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ عَلَى أَصَابِعِهِ وَتَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ، وَمَعْنَى يَنْصَرِفُ يَعْنِي إلَى الْمَاءِ فَيَغْسِلُهُ، وَيَبْنِي إنْ سَلِمَتْ ثِيَابُهُ وَأَصَابِعُهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ انْتَهَى.
وَقَالَ ع: يَعْنِي بِالسَّيْلِ مَعَ الْأُصْبُعِ وَالْقَطْرِ فِي غَيْر الْأُصْبُعِ، وَالسَّيْلُ مَعْلُومٌ وَهُوَ أَنْ يَسِيلَ مِثْلُ الْخَيْطِ، وَالْقَطْرُ أَنْ يَقْطُرَ قَطْرَةً قَطْرَةً، وَلَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ لِلرُّعَافِ تَعَبُّدِيًّا لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ رَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَبْنِي) وَيُرْوَى وَلَا يَبْنِ فَعَلَى الْأُولَى لَا نَافِيَةٌ، وَعَلَى الثَّانِيَةُ نَاهِيَةٌ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ (فِي قَيْءٍ) مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (وَلَا) يَبْنِي أَيْضًا فِي (حَدَثَ) وَلَا غَيْرِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبِنَاءِ فِي الْجَمِيعِ جَاءَ مَا جَاءَ فِي الرُّعَافِ وَيَبْقَى مَا سِوَاهُ عَلَى أَصْلِهِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ مَنْ رَعَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَبْنِي عَلَيْهِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ مَنْ رَعَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَبْنِي عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَالْأَوَّلُ (وَ) هُوَ (مَنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ) وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ السَّلَامُ وَهُوَ حَامِلُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ وَلَهُ الْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ كَالسَّائِلِ ابْتِدَاءً.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ] هَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْفَتْلِ لِكَوْنِهِ كَانَ أَوَّلًا رَاشِحًا مَثَلًا.
[قَوْلُهُ: وَيَبْنِي] أَيْ اسْتِحْبَابًا وَلَهُ الْقَطْعُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَخْشَ تَلْوِيثَ مَسْجِدٍ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ سَالَ عَلَى ثَوْبِهِ] أَيْ أَوْ قَطَرَ.
[قَوْلُهُ: تَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ كَانَ فَتَلَهُ وَسَالَ وَتَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا إلَى الْوُسْطَى بِزِيَادَةٍ فِي الْوُسْطَى لَا يُعْفَى عَنْهَا، أَيْ بِأَنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْعُلْيَا فَلَا بُطْلَانَ وَلَوْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ.
[قَوْلُهُ: لِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ] أَيْ سَالَ بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَتَجَاوَزَ بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقْطَعُ] الْمُرَادُ بَطَلَتْ أَيْ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يَقْطَعْ، [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى يَنْصَرِفُ] أَيْ فِي قَوْلِنَا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُنَا يَنْصَرِفُ وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِمَعْنَى فَلَا مَعْنَى لَهُ.
[قَوْلُهُ: فَيَغْسِلُهُ وَيَبْنِي] أَيْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
[قَوْلُهُ: وَأَصَابِعِهِ] أَيْ يَدِهِ كَانَتْ الْأَصَابِعُ أَوْ غَيْرُهَا هَذَا إذَا قُلْنَا سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا ابْتِدَاءً أَوْ خُصُوصُ الْأَصَابِعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَتَلَهُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَزِدْ مَا فِي الْوُسْطَى عَلَى دِرْهَمٍ.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي بِالسَّيْلِ إلَخْ] الْقَصْدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ سَيْلٌ إلَّا إذَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْأُصْبُعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ سَاقِطًا عَلَى الْأَرْضِ فَيُقَالُ لَهُ قَاطِرٌ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْقَبْلِ فَالْمُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ مِنْ أَنَّهُ لَا تَقْيِيدَ أَصْلًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ آخَرُ هَذَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ وَالسَّيْلُ إلَى آخِرِ مَا هُنَا.
[قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا] أَيْ فِي مُتَنَجِّسٍ خَرَجَ مِنْهُ حَالَ صَلَاتِهِ وَلَوْ قَلِيلًا وَمِثْلُهُ الطَّاهِرُ الْكَثِيرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِالطَّاهِرِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ يَسِيرًا وَخَرَجَ غَلَبَةً، فَإِذَا كَانَ نَجِسًا مُطْلَقًا أَوْ طَاهِرًا كَثِيرًا أَوْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَهُ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ خَرَجَ غَلَبَةً، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهُ غَلَبَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَمَّا سَهْوًا فَلَا وَلَا بِنَاءَ فِي رُعَافٍ مُتَكَرِّرٍ، وَلَيْسَ مِنْهُ الْحَاصِلُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي إكْمَالِ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى صَلَاتِهِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: حَدَثَ وَلِقَوْلِهِ وَلَا غَيْرِهِمَا وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ يَبْنِي فِي الْحَدَثِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةً أَوْ أَصَابَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ يَبْنِي.
[قَوْلُهُ: جَاءَ مَا جَاءَ] أَيْ ثَبَتَ الَّذِي جَاءَ فِي الرُّعَافِ.
[قَوْلُهُ: سَلَّمَ وَانْصَرَفَ] فَلَوْ خَالَفَ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ