النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ ذَهَابٍ إلَى الْمَاءِ وَرُجُوعِهِ.
وَالثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ (انْصَرَفَ) إلَى الْمَاءِ (وَغَسَلَ الدَّمَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ فَقَدْ تَعَمَّدَ حَمْلَ النَّجَاسَةِ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُهَا (ثُمَّ رَجَعَ) لَيُسَلِّمَ (فَجَلَسَ) وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ إنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ تَشَهَّدَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (وَسَلَّمَ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ، وَلَوْ كَانَ كُلَّمَا رَعَفَ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ سَلَّمَ بِالْقُرْبِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الْبِنَاءِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ أَيْنَ يُتِمُّ الرَّاعِفُ صَلَاتَهُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَالَ: (وَلِلرَّاعِفِ) إذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ (أَنْ يَبْنِيَ فِي مَنْزِلِهِ) أَيْ فِي مَكَانِهِ الَّذِي غَسَلَ فِيهِ الدَّمَ إنْ أَمْكَنَهُ، أَوْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّلَاةُ (إذَا يَئِسَ أَنْ يُدْرِكَ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ) ق: الْمُرَادُ بِالْيَأْسِ هُنَا غَلَبَةُ الظَّنِّ.
وَقَالَ ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ع: ظَاهِرُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْجَامِعِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ شَيْئًا وَرَجَعَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لِلرَّاعِفِ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَيِّ مَكَان يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ عَامٌّ فِي كُلِّ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ (إلَّا فِي) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) إذَا أَدْرَكَ مَعَ
ــ
[حاشية العدوي]
السَّلَامِ فَاسْتَظْهَرَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ.
[قَوْلُهُ: وَرُجُوعِهِ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنْ لَوْ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ السَّلَامِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ مَعَ أَنَّهُ يُسَلِّمُ فِي مَوْضُوعِ الْغُسْلِ إنْ أَمْكَنَهُ، أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ أَعَادَ التَّشَهُّدَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لَا إعَادَةَ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كَمَا رَعَفَ] الْكَافُ زَائِدَةٌ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ، وَلَوْ كَانَ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ رُعَافِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ كَانَ لَمَّا رَعَفَ بِاللَّامِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.
[قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ مَعَهُ] أَيْ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْبِنَاءُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْبَاقِي وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْمَاضِي لَا عَلَى الْبَاقِي، وَقَوْلُهُ يَحْتَاجُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى يَحْصُلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْمَعِيَّةَ تُؤَوَّلُ بِالتَّعْلِيلِ وَالتَّقْدِيرُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَحْصُلُ الْبِنَاءُ عَلَى الْمَاضِي لِأَجْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ سَلَّمَ بِالْقُرْبِ] الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ اهـ.
قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْصِرَافِ مُفَارَقَةُ مَوْضِعِهِ لَا قِيَامَهُ فَقَطْ وَقَالَ السُّودَانِيُّ لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَسَمِعَ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ، فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ فَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ التَّشَهُّدَ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْفَذُّ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيُتِمُّ مَكَانَهُ.
[قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْيَأْسِ هُنَا غَلَبَةُ الظَّنِّ] أَيْ غَلَبَةٌ هِيَ الظَّنُّ فَيُوَافِقُ خَلِيلًا حَيْثُ قَالَ: إنْ ظَنَّ.
[قَوْلُهُ: طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ] بَلْ وَالشَّكُّ مِثْلُهُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ] مُقَابِلُهُ لِابْنِ شَعْبَانَ إنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَإِنَّمَا لَزِمَ الرُّجُوعُ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِعِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ.
[قَوْلُهُ: إلَّا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً] بِسَجْدَتَيْهَا وَكَذَا يَجِبُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً قَبْلَ الرُّعَافِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً قَبْلَ الرُّعَافِ، وَلَا اعْتَقَدَ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ وَلَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى أَرْبَعًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ، وَمَحَلُّ ابْتِدَائِهَا ظُهْرًا حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَعَلَ بِأَنْ كَانَ الْبَلَدُ مِصْرًا تَتَعَدَّدُ