وَالْعَصْرِ بِرَكْعَةٍ، قَالُوا: وَحُكْمُ الْعَامِدِ كَالنَّاسِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى النَّاسِي لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الثَّانِي. بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَ) دُخُولُهُ (بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَأَقَلَّ إلَى رَكْعَةٍ صَلَّى الظُّهْرَ سَفَرِيَّةً) لِأَنَّهَا بِخُرُوجِ وَقْتِهَا تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ سَفَرِيَّةً (وَ) صَلَّى (الْعَصْرَ حَضَرِيَّةً) لِأَنَّهُ أَدْرَكَهَا فِي الْحَضَرِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ نَهَارًا خُرُوجًا وَدُخُولًا انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ لَيْلًا كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ بَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الدُّخُولِ عَكْسِ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّهَارِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي التَّقْسِيمِ. فَقَالَ: (وَإِنْ قَدِمَ فِي لَيْلٍ وَقَدْ بَقِيَ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ) فِيمَا يُقَدَّرُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ) نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا (صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ حَضَرِيَّةً) لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَدْرِك بِهِ الْعِشَاءَ فَوَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَهَا حَضَرِيَّةً، وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَلَا مَعْنَى لِذَكَرِهَا: ثُمَّ عَقَّبَ بِالْخُرُوجِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فَقَالَ: (وَلَوْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيْلِ رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ سَفَرِيَّةً) لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ لِوَقْتِهَا فِي السَّفَرِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُقَدِّرُ لِلْخُرُوجِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ وَلَهُ حُكْمُ مَا يُسْتَقْبَلُ، وَيُقَدِّمُ لِلدُّخُولِ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ وَلَهُ حُكْمُ مَا يُسْتَقْبَلُ.
ــ
[حاشية العدوي]
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. [قَوْلُهُ: قَالُوا] لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرِّي
[قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ بَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الدُّخُولِ إلَخْ] لِمُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ كُلًّا دُخُولٌ [قَوْلُهُ: فِيمَا قُدِّرَ] فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مِمَّا يُقَدَّرُ أَيْ مِمَّا يُقَدَّرُ بِهِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا] أَيْ كَذَا لَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا فِي الْآتِيَةِ.
[قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ] أَيْ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ [قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقَدِّرُ لِلْخُرُوجِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ] قَاصِرٌ عَلَى النَّهَارِيَّتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمُدْرِكِهِمَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدُ وَيُقَدِّرُ لِلدُّخُولِ بِخَمْسٍ إلَخْ قَاصِرٌ عَلَيْهِمَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِمُدْرِكِهِمَا، فَلَا يَشْمَلُ النَّهَارِيَّتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمُدْرِكِ وَاحِدَةٍ وَلَا اللَّيْلِيَّتَيْنِ، فَلَوْ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلَّيْلَتَيْنِ أَنَّهُ يُقَدِّرُ بِرَكْعَةٍ دُخُولًا وَخُرُوجًا وَبِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّهَارِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ عَلَى التَّوْزِيعِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّهُ فِي الْخُرُوجِ إذَا بَقِيَ مَا يَسَعُ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا سَفَرِيَّتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً، فَالثَّانِيَةُ سَفَرِيَّةٌ وَهَكَذَا لَكَانَ أَفْضَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute