للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرَضُ أَوْ اُحْتُضِرَ أَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ.

وَمِنْهَا أَنْ يَخَافَ عَلَى مَالِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ حَرِيقٍ، وَمِنْهَا الْمَطَرُ الشَّدِيدُ وَالْوَحْلُ الْكَثِيرُ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا وَخَافَ أَنْ يُحْبَسَ إنْ ظَهَرَ، وَمِنْهَا أَكْلُ الثُّومِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ الْعُرْسُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ، فَقَالَ: (وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ السَّعْيِ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ يَكُونُ (عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَأَغْنَاهُ عَنْ قَوْلِهِ: (وَأَخَذَ) بِصِيغَةِ الْفِعْلِ بِفَتْحِ الْخَاء وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ بِمَعْنَى شَرَعَ (الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْآذَانِ) وَفِي بَعْضِهَا وَأَخْذِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَجَرَّ الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى الْإِضَافَةِ.

وَقَيَّدْنَا بِمَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ احْتِرَازًا مِمَّنْ بَعُدَتْ دَارُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهَا فِي مِقْدَارِ مَا يَصِلُ فِيهِ عِنْدَ الزَّوَالِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ فِي الْمِصْرِ وَمَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهُ فَأَقَلَّ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَسْعَى حَتَّى يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يَصِلُ إلَّا وَالْإِمَامُ قَدْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ: عِنْدَ جُلُوسِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَقُومُ بِهِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ اُحْتُضِرَ يُفْهَمُ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأُولَى [قَوْلُهُ: أَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ] أَيْ أَوْ يَشْتَدُّ وَلَمْ يَحْتَضِرْ إلَّا أَنَّهُ خَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ.

تَنْبِيهٌ: لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: أَحَدُ وَالِدِيهِ بَلْ وَمِثْلُهُ كُلُّ قَرِيبٍ خَاصٍّ كَذَلِكَ كَوَلَدٍ وَزَوْجٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّمْرِيضَ لِلْقَرِيبِ الْخَاصِّ عُذْرٌ مُطْلَقًا وُجِدَ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ أَوْ لَا خَشِيَ بِتَرْكِهِ الضَّيْعَةَ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَمْرِيضُ غَيْرِ قَرِيبٍ فَهُوَ عُذْرٌ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ وَخَشِيَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الضَّيْعَةَ، وَأَمَّا قَرِيبٌ غَيْرُ خَاصٍ فَهُوَ كَأَجْنَبِيٍّ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَلِابْنِ الْحَاجِبِ كَالْخَاصِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَيْدَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَالِهِ] أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يُجْحِفُ بِهِ وَمِثْلُهُ مَالُ غَيْرِهِ.

وَكَذَا خَوْفٌ عَلَى عِرْضٍ أَوْ دِينٍ كَخَوْفِ إلْزَامِ قَتْلِ رَجُلٍ أَوْ ضَرْبِهِ [قَوْلُهُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ] وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ أَوَاسِطَ النَّاسِ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ الْوَحْلُ الْكَثِيرُ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ أَوَاسِطَ النَّاسِ عَلَى تَرْكِ الْمِدَاسِ بِكَسْرِ الْمِيمِ [قَوْلُهُ: وَخَافَ أَنْ يُحْبَسَ] أَيْ لِيُثْبِتَ عُسْرَهُ [قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَكْلُ الثُّومِ] أَيْ النِّيءِ وَمِثْلُ الثُّومِ غَيْرُهُ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَفُجْلٍ، وَحَرُمَ أَكْلُهُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُومٍ وَغَيْرِهِ بِمَسْجِدٍ وَكَذَا بِغَيْرِهِ لِمَنْ يُرِيدُ جُمُعَةً أَوْ جَمَاعَةً أَوْ مَجْلِسَ عِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ وَلِيمَةٍ أَوْ مُصَلَّى عِيدَيْنِ أَوْ جَنَائِزَ وَتَأَذَّوْا بِرَائِحَتِهِ، إلَّا إنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهِ بِمُزِيلٍ غَيْرِ جَوَازِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِالْكَرَاهَةِ. وَفِي جَوَازِ دُخُولِ آكِلِهِ الْمَسْجِدَ لِغَيْرِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا الْمَوَّاقُ وَمِمَّا يُزِيلُ رَائِحَةَ الثُّومِ وَنَحْوِهِ مَضْغُ السَّعَفِ وَالسَّعْتَرِ.

[قَوْلُهُ: الْعُرْسُ] بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِسُكُونِهَا الِابْتِنَاءُ بِالزَّوْجَةِ فَهُوَ لَيْسَ بِمُبِيحٍ لِلتَّخَلُّفِ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ امْرَأَةُ الرَّجُلِ. وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا أَيْ الزَّوْجَةِ إذْ هُوَ حَقٌّ لَهَا بِالسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

[قَوْلُهُ: عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ] يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ لِلْخُلَفَاءِ وَجَائِزٌ لِغَيْرِهِمْ.

وَالْمَنْدُوبُ فِي حَقِّ مَنْ يَخْطُبُ عَلَى الْأَرْضِ وُقُوفُهُ عَلَى يَسَارِ الْمِحْرَابِ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضٌ الْوُقُوفَ عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ [قَوْلُهُ: بِصِيغَةِ الْفِعْلِ] وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ جُمْلَةُ وَأَخَذَ حَالِيَّةً [قَوْلُهُ: مِقْدَارِ إلَخْ] إضَافَةُ مِقْدَارٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ.

أَيْ مِقْدَارٌ هُوَ زَمَنٌ يَصِلُ فِيهِ الْمَسْجِدَ عِنْدَ الزَّوَالِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ بِحَيْثُ يَصِلُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَوْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَفَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْضُرُ الْخُطْبَةَ وَهُوَ الْعَدَدُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مُفَادِ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَقَطْ حَيْثُ حَضَرَ الْخُطْبَةَ الْعَدَدُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ [قَوْلُهُ: يَدُلُّ إلَخْ] لَا دَلَالَةَ أَصْلًا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ إلَخْ] هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>