للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ ظَنُّوهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْكُفَّارُ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ هُوَ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ وَقَاسُوا عَلَيْهِ قِتَالَ الْمُحَارِبِينَ (أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ وَيَدَعَ طَائِفَةً مُوَاجِهَةً لِلْعَدُوِّ) ظَاهِرُهُ كَالْمُخْتَصَرِ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الطَّائِفَتَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ، وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ تَسَاوِيهِمَا.

قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ يُقَابَلُ بِالنِّصْفِ، وَأَمَّا إذَا قُوبِلَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَوْقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَانْظُرْ ذَلِكَ انْتَهَى. وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا فِي الصَّلَاةِ كَيْفِيَّتَهَا خَوْفًا مِنْ التَّخْلِيطِ لِعَدَمِ إلْفِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهَا (فَ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُصَلِّي الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يَثْبُتُ قَائِمًا) ثُمَّ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ اتِّفَاقًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ وَالسُّكُوتِ.

(وَ) أَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ فَإِنَّهُمْ (يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُونَ فَ) يَذْهَبُونَ (يَقِفُونَ مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ) مُوَاجِهَةَ الْعَدُوِّ (ثُمَّ يَأْتِي أَصْحَابُهُمْ فَيُحْرِمُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) الْإِمَامُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَقَاسُوا عَلَيْهِ قِتَالَ الْمُحَارِبِينَ] وَمِثْلُهُمْ أَهْلُ الْبَغْيِ أَوْ أَرَادَ بِالْمُحَارِبِينَ مَا يَشْمَلُ أَهْلَ الْبَغْيِ وَكَذَا اللُّصُوصُ خَوْفًا عَلَى أَخْذِ الْمَالِ أَوْ السِّبَاعُ خَوْفًا عَلَى النَّفْسِ مِنْهَا.

فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رُخْصَةٌ وَمَحَلُّ الرُّخْصَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَالْمَحَلُّ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّقْلُ هُوَ قِتَالُ الْكُفَّارِ، فَكَيْفَ قَاسُوا عَلَيْهِ قِتَالَ الْمُحَارِبِينَ وَمَا أَشْبَهَهُ؟ قُلْت: هُوَ مِنْ قِيَاسِ لَا فَارَقَ الَّذِي قَالَ بِهِ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ فِي الْقِيَاسِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ سَبَبَ هَذَا الْفِعْلِ الْخَوْفُ وَهُوَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ سَوَاءٌ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ [قَوْلُهُ: أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ] أَيْ لِيُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ [قَوْلُهُ: وَيَدَعَ طَائِفَةً] أَيْ يَتْرُكَ طَائِفَةً [قَوْلُهُ: كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ لَا] وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ بِهَا صَلَّوْا مَعَ الْإِمَامِ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ لِنَظَرِهِمْ لِعَدُوِّهِمْ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ] لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَسَمَهُمْ مُنَاصَفَةً [قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ] أَيْ قَسْمُهُمْ قِسْمَيْنِ ظَاهِرٌ [قَوْلُهُ: بِالنِّصْفِ] أَيْ نِصْفِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُوقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ لَا يَقْسِمُهُمْ نِصْفَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ إذَا كَانَتْ تُقَابَلُ بِالثُّلُثِ أَنَّهُ يُصَلِّي بِالثُّلُثَيْنِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى، وَيُصَلِّي بِالثُّلُثِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ.

[قَوْلُهُ: فَانْظُرْ ذَلِكَ] أَيْ هَلْ مَا قُلْنَا صَحِيحٌ؟ هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تُسَاوِي الطَّائِفَتَيْنِ بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ عِنْدَهَا قُدْرَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ تَسَاوَيَا أَوْ لَا [قَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَلِّمَ إلَخْ] أَيْ وُجُوبًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِعَدَمِ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيمِ الْمَجْمُوعِ وَفِي عِبَارَةٍ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ وُجُوبًا عِنْدَ الْجَهْلِ وَنَدْبًا عِنْد عَدَمِهِ.

[قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي إلَخْ] كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَيُصَلِّي بِهَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ لِلْإِضْمَارِ لِظُهُورِ أَنَّ فَاعِلَ يُصَلِّي الْإِمَامُ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِلطَّائِفَةِ إلَّا أَنَّ عَادَتَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ زِيَادَةُ الْإِيضَاحِ، وَنَكَّرَ طَائِفَةً وَعَبَّرَ بِهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تُسَاوِي الطَّائِفَتَيْنِ بَلْ الشَّرْطُ كَمَا تَقَدَّمَ كَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ فِيهَا قُدْرَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ.

[قَوْلُهُ: يَثْبُتُ قَائِمًا] أَيْ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى مُؤْتَمِّينَ بِهِ إلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ ثُمَّ يُفَارِقُونَهُ فَإِذَا أَحْدَثَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَسَهْوًا أَوْ غَلَبَةً اسْتَخْلَفَ هُوَ أَوْ هُمْ مَنْ يَقُومُ بِهِمْ، ثُمَّ يَثْبُتُ الْمُسْتَخْلَفُ وَيَؤُمُّ مَنْ خَلْفَهُ ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْدَثَ وَلَوْ عَمْدًا بَعْدَ تَمَامِ قِيَامِهِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ فَلَا يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِمْ بِهِ، وَنَظَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ فِي حُكْمِ الْقِيَامِ [قَوْلُهُ: بَيْنَ الدُّعَاءِ] أَيْ بِمَا عَنَّ لَهُ وَالْأَوْلَى بِالْفَتْحِ وَالنَّصْرُ مِثْلُ الدُّعَاءِ: التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ.

وَقَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ أَيْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهَا حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً] أَيْ أَفْذَاذًا فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، وَكَذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ فَإِذَا فَارَقَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الْجُمُعَةِ صَلَّتْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَفْذَاذًا فِيمَا يَظْهَرُ بِمَثَابَةِ مُدْرِكِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ إمَامٍ وَرَعْفِ رُعَافٍ بَنَاهُ فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى فَاتَ فِعْلُهَا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَحْدَهُ وَلَا يُصَلُّونَهَا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ يَسْتَخْلِفُونَهُ.

وَتَوَقَّفَ عَجَّ فِي عَدَدِ الطَّائِفَتَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>