وَأَمَّا صِفَتُهَا فِي الْحَضَرِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ صَلَّى) الْإِمَامُ (بِهِمْ) أَيْ بِمَنْ مَعَهُ (فِي الْحَضَرِ لِشِدَّةِ خَوْفٍ صَلَّى بِهِمْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) ك: قَبْلَ هَذَا إذَا كَانُوا مَطْلُوبِينَ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا طَالِبِينَ فَلَا. وَعِبَارَةُ الْجَلَّابِ أَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخِ، وَنَصُّهُ إذَا نَزَلَ الْخَوْفُ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ لَمْ يَجُزْ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَجَازَ تَفْرِيقُهُمْ فِيهَا فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَشَارَ إلَيْهِمْ بِالْقِيَامِ لِلْإِتْمَامِ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَقُومُ إذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ فَيَنْتَظِرُ إتْمَامَهُمْ وَانْصِرَافَهُمْ وَمَجِيءَ الْآخَرِينَ قَائِمًا يَعْنِي سَاكِتًا، أَوْ دَاعِيًا لَا قَارِئًا، ثُمَّ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ، وَيَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَدْ قِيلَ: يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يَقْضُوا مَا فَاتَهُمْ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ اهـ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ (وَلِكُلِّ صَلَاةٍ) مِمَّا تَقَدَّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ جَمَاعَةً (أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ) لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةِ فَرْضٍ مُجْتَمِعٌ لَهَا أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ ثُمَّ أَشَارَ إلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فُرَادَى فَقَالَ: (وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (صَلَّوْا وُحْدَانًا) أَيْ فُرَادَى (بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ) فَإِنْ قَدَرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَعَلُوا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا إيمَاءً، وَيَكُونُ
ــ
[حاشية العدوي]
صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ أَيْ عَقَدَ رَكْعَةً انْتَظَرَ الْإِمَامَ حَتَّى يَفْعَلَ مَا فَعَلَهُ ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ السَّلَامَ، فَإِنْ خَالَفَ بِأَنْ فَعَلَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَلَّمَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ خَالَفَ وَأَعَادَ مَعَ الْإِمَامِ مَا فَعَلَهُ حَالَ الْمُفَارَقَةِ حَمَلَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ إنْ كَانَ سَهْوًا لَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ بَعْدَ افْتِتَاحِهَا صَلَاةً مُسَايَفَةً فَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَهَا صَلَاةَ أَمْنٍ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَكِنْ فُرَادَى لِأَنَّهُمْ افْتَتَحُوهَا هَكَذَا، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَأْتِي إلَّا بَعْدَ أَنْ تَذْهَبَ الْأُولَى تُجَاهَ الْعَدُوِّ فَكَيْفَ يُعْقَلُ مَا ذَكَرَ؟ قُلْت: يُفْرَضُ مَا ذَكَرَ فِي مَسْبُوقِينَ أَدْرَكُوا مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ فَيَأْتِي فِيهِمْ مَا ذَكَرَ بِأَنْ تَذْهَبَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسْبُوقَةٍ تُجَاهَ الْعَدُوِّ وَتَتَخَلَّفَ هَذِهِ الْمَسْبُوقَةُ فَيَأْتِيَ فِيهَا مَا ذُكِرَ.
[قَوْلُهُ: قِيلَ هَذَا إلَخْ] هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مُطْلَقًا [قَوْلُهُ: ثُمَّ أَشَارَ إلَيْهِمْ بِالْقِيَامِ] وَيَكُونُ فِي جُلُوسِهِ سَاكِنًا أَوْ دَاعِيًا وَإِنْ كَانَ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ مَكْرُوهًا فَقَدْ يُتَّفَقُ هُنَا عَلَى جَوَازِهِ [قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَقُومُ] هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَهْرَامُ: فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْكِيَهُ بِصِيغَةِ التَّضْعِيفِ [قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ فَرْضٌ مُجْتَمَعٌ] فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا، وَفِي الْحَضَرِ إنْ طَلَبَ غَيْرَهَا.
تَتِمَّةٌ:
لَوْ سَهَا الْإِمَامُ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى سَهْوًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سُجُودُ سَجَدَتْ لِلسَّهْوِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاتِهَا لِنَفْسِهَا، الْقَبْلِيُّ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالْبَعْدِيُّ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ تَسْجُدْ الْقَبْلِيَّ وَسَجَدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ، وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ وَكَانَ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَإِنَّهَا تُغَلِّبُ جَانِبَ النَّقْصِ، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سَوَاءٌ سَهَا مَعَهَا أَوْ قَبْلَهَا فَتَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ قَبْلَ إتْمَامِ مَا عَلَيْهَا وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا وَتَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ وَلَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُمْ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَقَطْ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ، وَلَا يَلْزَمُ الْأُولَى سُجُودٌ لِسَهْوِهِ مَعَ الثَّانِيَةِ لِانْفِصَالِهَا عَنْ إمَامَتِهِ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ مُوجِبُ السُّجُودِ مِمَّا لَا يَخْفَى كَالْكَلَامِ أَوْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ شَبَهِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِشَارَتِهِ لَهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى أَشَارَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ سَبَّحَ لَهَا، فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِهِ كَلَّمَهَا، إنْ كَانَ النَّقْصُ مِمَّا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا يَنْبَغِي قَرَّرَهُ عَجَّ [قَوْلُهُ: وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ عَنْ ذَلِكَ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الْجَمَاعَةَ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَرَجُوا انْكِشَافَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ بِحَيْثُ يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ أَخَّرُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute