للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ صَوَابُهُ سَجْدَتَانِ لِيَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ وَيَسْجُدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا خِلَافَ فِيهِ إذْ لَا قَائِلَ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي رَكْعَةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَتَشَهَّدُ وَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ (يُسَلِّمُ) .

(ثُمَّ) بَعْدَ سَلَامِهِ (يَرْقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ يَصْعَدُ (الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبُ وَيَجْلِسُ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ وَوَسَطِهَا) أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ ذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ» ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ أَعَادَهَا اسْتِحْبَابًا وَأُخِذَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ صِفَتَهَا كَصِفَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أُولَى وَثَانِيَةٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ أَحْكَامِ الْعِيدِ وَمَا يُشْرَعُ فِيهِ وَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ (يَنْصَرِفُ) مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ إنْ شَاءَ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مَكَانَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إنْ أَوْقَعَهَا فِي الصَّحْرَاءِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

ــ

[حاشية العدوي]

بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَقُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِابْنِ الْقَاسِم قَوْلَانِ فَمَذْهَبُهُ يُشْكِلُ، وَإِنْ كَانَ فَيَحْتَاجُ الِاقْتِصَارُ هُنَا إلَى تَرْجِيحٍ اهـ. شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ تَرْدِيدِهِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ لِلتَّكْبِيرِ هُنَا أَنَّ الْمَقَامَ لَهُ وَالْمَقَامَاتُ تُرَاعَى اهـ كَلَامُ التَّحْقِيقِ.

وَبَقِيَ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى: مَا إذَا أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ، فَوَرَدَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ يُكَبِّرُ إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ، وَهُنَا اُخْتُلِفَ كَمَا تُقَرِّرَ فَمَا الْفَرْقُ فَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِعَدَمِ التَّكْبِيرِ يَسْتَغْنِي عَنْ تَكْبِيرِهِ الْمَطْلُوبِ بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ.

الثَّانِيَةُ: مَا إذَا لَمْ يَدْرِ هَلْ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ: قَالَ الْحَطَّابُ: لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا؛ لِأَنَّ نَقْصَ التَّكْبِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْتَضِي السُّجُودَ بِخِلَافِ زِيَادَتِهِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: يَتَشَهَّدُ] أَيْ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو أَوْ أَرَادَ بِالتَّشَهُّدِ مَا يَشْمَلُ الْكُلَّ.

[قَوْلُهُ: وَيَخْطُبُ] أَيْ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتِي الْجُمُعَةِ فِي كَوْنِهِمَا بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَجَهْرًا لَكِنْ خُطْبَةُ الْعِيدِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ نَدْبًا، وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا يُنْدَبُ تَخَلُّلُ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ بِلَا حَدٍّ فِي الِافْتِتَاحِ بِسَبْعٍ وَالتَّخْلِيلِ بِثَلَاثٍ خِلَافًا لِزَاعِمِي ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَرْقَى الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبُ] اُنْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ كَوْنُ الْمُصَلِّي هُوَ الْخَاطِبُ إلَّا لِعُذْرٍ أَمْ لَا؟ عَجَّ عَلَى الرِّسَالَةِ. [قَوْلُهُ: وَيَجْلِسُ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ وَوَسَطِهَا] وَحَدَّ بَعْضُهُمْ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهَلْ يُتَّخَذُ لَهَا مِنْبَرٌ؟ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْجُلُوسِ أَوَّلًا وَوَسَطًا مَنْدُوبٌ. [قَوْلُهُ: وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ] أَيْ اسْتِحْبَابِ الْبَعْدِيَّةِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِ الْخُطْبَةِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: أَعَادَهَا اسْتِحْبَابًا] قَرَّبَ الْأَمْرَ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الَّذِي يَبْنِي مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: مُشْتَمِلَةٌ] أَيْ الْخُطْبَةُ الشَّامِلَةُ لِلْأُولَى وَالثَّانِيَةُ.

وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ التَّقْيِيدُ بِالثَّانِيَةِ وَنَصُّهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ بَيَانِ مَنْ يُطْلَبُ بِإِخْرَاجِهَا.

وَالْقَدْرُ الْمُخْرَجُ وَالْمُخْرَجُ مِنْهُ وَزَمَنُ إخْرَاجِهَا، وَفِي عِيدِ النَّحْرِ عَلَى بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّحِيَّةِ وَمَنْ يُؤْمَرُ بِهَا، وَمَا تَكُونُ مِنْهُ. وَالسِّنُّ الْمُجْزِئُ مِنْهَا وَزَمَنُ تَزْكِيَتِهَا انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمُشْتَمِلَةَ، وَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ إلَخْ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّانِيَةِ وَيَتَمَادَى إذَا أَحْدَثَ فِيهِمَا أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيمِ] الْأُولَى حَذَفَ تَعْلِيمَ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ وَصَفُّ الْمُعَلَّمِ قَائِمٌ بِهِ. [قَوْلُهُ: أَحْكَامِ الْعِيدِ] أَيْ أَحْكَامِ مَا يَشْرَعُ فِيهِ أَيْ يُفْعَلُ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: وَمَا يُشْرَعُ فِيهِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَحْكَامِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُمْ الْمَشْرُوعَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ الْمَفْعُولُ وَأَحْكَامُهُ، وَقَوْلُهُ: وَاجِبًا حَالٌ مِنْ مَا وَالْوَاجِبُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَعَدَمِ الْبَيْعِ مِنْ الضَّحِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِيدِ الْأَكْبَرِ، وَالْمُسْتَحَبُّ ظَاهِرٌ [قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا إلَخْ] وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِمَنْزِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>